في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها الولايات المتحدة الامريكية، بما في ذلك ديون تجاوزت (35)ترليون دولار . وعجز تجاري مع كل من كندا والمكسيك والصين وحتى الدول الاوربية.
اتخذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب سلسلة من الإجراءات لمعالجة هذه التحديات الاقتصادية ، أحد ابرز هذه الاجراءات كان فرض رسوم جمركية على الواردات من هذه الدول بهدف تعزيز الاقتصاد الأمريكي وحماية مصالح بلاده .
الرسوم الجمركية عبارة عن ضرائب تفرضها الحكومات على السلع المستوردة من دول اخرى ، تهدف هذه الرسوم إلى زيادة تكلفة السلع الاجنبية المستوردة ، مما يجعل المنتجات المحلية اكثر تنافسية في السوق المحلي . لذا تُعد الرسوم الجمركية على مر التاريخ الاساس الذي ترتكز عليه اي سياسة تجارية حمائية تهدف من خلالها الدولة إلى حماية الانتاج الوطني من منافسة السلع الاجنبية . هذا يعني ان الرسوم الجمركية المفروضة على استيراد السلع مقابل دخولها حدود الدولة تزيد من تكلفتها ، وبالتالي اسعار بيعها أيضاً ، مما يعزز القدرة التنافسية السعرية للمنتجات الوطنية ، مقابل السلع الوافدة على البلد من وراء الحدود .
وتعود هذه الرسوم بالفائدة على الدولة ، ومن أهم هذه الفوائد والأهداف من فرض هذه الرسوم الجمركية ، حماية الانتاج الوطني وتعتبر هذه السياسة جزءاً من السياسات الاقتصادية التجارية الحمائية التي تهدف إلى حماية الصناعات المحلية من المنافسة الاجنبية ، من خلال زيادة تكلفة السلع المستوردة يمكن للشركات المحلية زيادة حصتها في السوق .
وتعود هذه الرسوم الجمركية بالفائدة على الدولة في زيادة الايرادات الضريبية للدولة ، مما يمكنها من زيادة الإنفاق العام على الخدمات والمشاريع الوطنية والتي تؤدي إلى
خلق فرص عمل جديدة وتحد من البطالة ، وتساعد الرسوم الجمركيّة ايضا في تحقيق التوازن بين السلع المستوردة والمحلية ، مما يضمن منافسة عادلة ويمنع اغراق الأسواق بمنتجات اجنبية وباسعار منخفضة ، بالإضافة إلى ذلك فرض الرئيس ترامب رسوماً جمركية بنسبة (25%) على الواردات من كندا والمكسيك و (10%)على الواردات المتأتية من الصين ، بهدف تقليل العجز التجاري بين الولايات المتحدة مع هذه الدول .
ووفقاً للبيانات بلغ العجز التجاري بين الولايات المتحدة والصين حوالي(400)مليار دولار لصالح الصين ، مما تعكس الفجوة الكبيرة في الميزان التجاري في بين البلدين ، وبلغ العجز التجاري مع كندا اكثر من (40) مليار لصالح كندا ، في حين بلغ العجز التجاري مع المكسيك اكثر من (160)مليار دولار لصالح المكسيك مما دفع الأدارة الامريكية لاتخاذ هذه الخطوات .
وتعدّ الصين وكندا والمكسيك اكبر شركاء تجاريين لأمريكا حيث شكلت السلع التي تستوردها منها تمثل (40%) من اجمالي السلع المستوردة إلى أمريكا .
كل ذلك قد يؤدي إلى اندلاع حرب تجارية كبرى بين دول العالم وأمريكا ، إذا إستمرت امريكا على هذا النهج ، فضلاً إلى دفع الأسعار إلى الارتفاع في أمريكا ، والجدير بالذكر انه في عام (2023)اشترت كندا والمكسيك سلعاً وخدمات أمريكية بقيمة (808) مليار دولار وفي المقابل ارسلت كندا والمكسيك سلعاً بقيمة (1،1)ترليون دولار إلى أمريكا . مما يشير إلى التأثير الكبير لهذه الرسوم الجمركية على التجارة الإقليميّة .
نظرياً ان فرض الضرائب على السلع القادمة إلى بلد ما ، يعني عزوف الناس عنها إلى حد ما
لانها تصبح اكثر تكلفة ، مما يؤدي إلى تشجيع المواطنين على شراء منتجات محلية ارخص .
مما يعزز اقتصاد البلد .
اما من الناحية العملية ان رفع الضريبة الجمركية على كندا والمكسيك قد يشكل عبئاً على المستهلك الأمريكي بسبب ارتفاع اسعار تلك البضائع . علماً انه بعد فرض الضريبة الجمركية ، شهد الدولار الكندي و البيزو المكسيكي انخفاضاً إلى ادنى مستوى لها في شهر . اما بالنسبة لفرض ضريبة بمقدار (10%) على النفط بدلاً من (25%) ترجع إلى أن أمريكا تستورد يومياً من كندا والمكسيك ما يقارب نصف مليون برميل .
اضافة لما تقدم فإن الاهداف التي يسعى لتحقيقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من فرض الرسوم الجمركية ، العمل على تشجيع عودة رؤوس الاموال الأمريكية المستثمرة في الخارج ، حيث يُعد الاستثمار داخل امريكا اكثر فائدة للاقتصاد الأمريكي ، كما ان تشجيع الاستثمارات الاجنبية على التوجه نحو السوق الأمريكي يساهم في تنشيط الاقتصاد وزيادة معدلات التوظيف والحد من التضخم .
وفي عهد الرئيس دونالد ترامب، تبنت السياسة الاقتصادية الأمريكية مبدأ قائماً على ان أي نفقة يجب ان تحقق عائداً اقتصادياً او سياسياً او إجتماعياً .للولايات المتحدة ، ولهذا لم يكن ترامب مستعداً لتقديم مساعدات أو التزامات دولية دون مقابل واضح ، في هذا السياق كلف رجل الأعمال ( ايلون ماسك ) بمتابعة الاستثمارات والمساعدات داخل وخارج أمريكا ، كما تم الغاء العديد من النفقات التي اعتبرت غير مبررة ، ماساعد في توفير اموال ضخمة للدولة . ومن الأمثلة البارزة على هذا النهج مطالبة دول الخليج وعلى رأسها السعودية بتقديم استثمارات ضخمة داخل امريكا مقابل الحماية العسكرية .
وفقاً لبعض التقارير ، التزمت السعودية باستثمارات تقدر ما بين (500-إلى ترليون دولار ) في الاقتصاد الامريكي وذلك استجابة للضغوط الامريكية ، وبهذا المبدأ ، اصبحت العلاقات الامريكية مع مختلف دول العالم قائمة على مبدأ المعاملة بالمثل ، مما أدى إلى تدفق مليارات الدولارات إلى الاقتصاد الأمريكي . مما تقدم تظهر هذه الإجراءات ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب يسعى لحماية الاقصاد الأمريكي ومعالجة التحديات الكبيرة التي تواجهه ، وتهدف هذه السياسات الاقتصادية إلى تعزيز الانتاج الوطني وزيادة الايرادات الضريبية ، وضمان منافسة عادلة مما يعكس التزام الإدارة الأمريكية بمصالحها الوطنية . ومن حق الرئيس ترامب ان يعمل لمصلحة بلده ولكن عليه ان يأخذ بنظر الاعتبار ان لا تكون اجراءاته على حساب الآخرين .