أدعو الانسان الباحث عن الحرية ينبغي أن يقرأ أولا (كتاب العبودية) ، فهو شرط لازم لفهم الحرية و تبصر طريقها ، بعد هذه الفوضى التي عمت عالمنا حول فكرة الحرية و ممارساتها و أبطالها في شاشات العرض المفروضة على الناس اليوم ..
ان الانسان الذي لم تدنس فكرته عن الحرية كان منتبها لهذا ، فقد جسدها جيفارا بالأمس بمقولته(اذا تعرض الانسان الى ظروف غير انسانية و لم يتمرد فانه يفقد انسانيته شيئا فشيئا) ، كما جسدها اليوم المفكر الفرنسي ايتيان دو لا بويسي في كتابه (مقالة العبودية الطوعية) بالقول : (عندما يتعرض بلد ما لقمع طويل ، تنشأ أجيال من الناس لا تحتاج إلى الحرية ، بل تتواءم مع الاستبداد والعبودية).
لقد عرف الشرق أنواعا من العبودية ، و عرف الغرب أنواعا من الحرية ، و بدل أن يقوم هذا الغرب بمساعدة الشرق لتخطي أنواع العبودية المألوفة لديه زادها أنواعا أخرى ، و بأسماء جديدة هذه المرة ، مثل تلك التي يفصح عنها المفكر الفرنسي روجيه غارودي بقوله أن العولمة(و معها النظام الدولي الجديد) قد زيفت أعظم القيم التي سعت الانسانية و ضحت من أجلها بالكثير مثل : الحرية . الاستقلال. الديمقراطية . حقوق الانسان{وعلى رأسها حق تقرير المصير} … و غيرها ، حتى صرنا ننتظر من هذا الغرب ممارسات و (انجازات) ستسقط هذا العالم كله في عبودية جماعية ، فينتصر النص الصهيوني الذي ورد في بروتوكولات حكماء صهيون(ان كلمة الحرية تجعل الشعوب متعطشة للدماء و لهذا علينا أن نزيل هذه الكلمة من قاموس البشرية ) ..
كتاب العبودية هذا فيه فصول كثيرة تحتاج منا أن نراجع من أجل فهمها : تاريخنا ، تراثنا ، ديننا ، أخلاقنا ، عاداتنا و تقاليدنا{ لاسيما تلك التي اتخذت طابع التابو فينا} ، السمات العامة للشخصية فينا { و جملة المتناقضات البدوية الريفية الحضرية فيها} طبيعة مفاهيمنا الانتمائية مثل المذهبية ، القومية ، العشائرية ، المناطقية، الأيديولوجية ،.. حقيقة الدولة لدينا و ما تجذر من اصول سياسية في الاستخلاف و الحكم و الملك … الرابضة على كواهلنا و صدورنا و عقولنا و وعينا العام منذ مئات الأجيال . الأحداث الجسام التي عايشناها اليوم ، و منها : الحروب كاذبة الأهداف ، الظلم بشتى أنواعه ، الفقر و الجوع و المرض ، الجهل و التجهيل … و غير ذلك … يقينا أننا سنجد أن الكثير من عوامل عبوديتنا تحتويها هذه العناصر و المؤثرات و المكونات .
لهذا أطلب أن نعيد قراءتها لنتبين معالم عبوديتنا فيها و من خلالها قبل قراءتها لتبيان معالم حريتنا .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *