بيْنمَا كان يأْكل بقايَا فأْر مُتْرفٍ ، يتأمَّل بِصورة مُجعَّدة لَم يبْقى مِنْهَا سِوى خُطوط الطِّين المتيبِّس جِدًّا مُتيبِّس حدُّ الانْكسار لَم يبْقى مِن الضَّوْء إِلَّا بصيص مغْرب هاربًا مِن ضجيج نهار مُزْدحم ، ولَا زال ينْتظر مِن ذلك الطِّين أن يبْتلَّ وينْطق ، وبقي مُنْتظَرًا حتَّى غُلَّقتْ تِلْك النَّافذة لََا أحد يصل لِيغْلقهَا فقط ذلك اللَّيْل الدَّامس
هل يأْتي نهار آخر ؟ يتْساءل هل تأْتي تِلْك الفراشة مرَّة أُخْرى ؟ هل تأْتي ومعهَا أمل آخر لِرؤْية أُمِّيٍّ ؟ هل وهل حتَّى سمع الحارس يقول لَه مِن فتحتْ الباب الضَّيِّقة لَديَّ خبر لَك ! مُنْذ زمن لَم يسْمع صوْتُ الحارس ! ثُمَّ جاء ومعه خبر عجيب ! ماذَا ؟ مُنْدهش جِدًّا ضاعتْ كُلَّ الحروف مِن لِسانه ، تِلْك المسافة بيْن الباب والْفسْحة تَعَادَلَ ألم ذلك الرَّغِيف المسْروق مِن الفأْر ، ماذَا لَديْك ؟ سأله بِدهْشة ، هذه رِسالة ، رِسالة ؟! أَصَابِعِه ترْتجف ، الخفقان مُزْمن لَديْه فِي تِلْك اللحَظة، فتْح الرِّسالة
إِلى بُنِّيٍّ . . .
أمَّا بعْد كانتْ أخْبارك كُلُّهَا تصلني ، كُنْتَ أَتَأَلَّمُ كثيرًا جِدًّا ، حتَّى مرضتْ ، أنَا لَم أَنْسَاك أبدًا حتَّى أسْأل تِلْك الفراشة كُنْتُ أرْسلَهَا لَك لِتطْمَئنَّ عليْك ولكن عِنْدمَا مرضتْ تركتْني ، حتَّى الفراشة تركتْني ، بُني تَذَكّر أنَّك ذلك النَّقْش فِي القلْب الَّذي لَم يزول أبدًا ، وهذَا عُنْوان بيْتي الجدِيد إِذَا خرجتْ زُرْني هُناك ، الحارس ذهب أمَّا السَّجِين بقيّ ينْتظر السَّاعة الَّذي يخْرج فِيهَا وهو على أمل بزوغ أُمِّه ك هِلال العيد ، جاء ذلك اليوْم ، ، الفرْحة لََا تُقاس لَم يبْقى مِن الرِّسالة سِوى العنْوان وأمِّي ، لَكنَّه مُسْتغْربًا جِدًّا أيْن الفراشة ؟ أيُعْقل لَمٌّ تبْعثهَا أُمِّي ، راح يُدنْدن ؟ فراشَتي فراشَتي تعالي لِي يَا فراشَتي ، فخْذيْ أخْباري إِلى أُمِّي وقوْلي لَهَا . . جاء اِبْنكِ . . . جاء اِبْنكِ . . . . . حتَّى الليل ولم تأْتي الفراشة وقد أكل مِنْه الاشْتياق مَا أكل فإذَا وجد نفْسه بِتلْك المقْبرة القديمة حيْث أبيه وجدِّه وقبْرًا جديد كُتب عليْه هذَا بيْتي يَا بُني . . . . . .