محاولة للوقوف

الحصان الذي نقل الجنود الى الحرب عاد في نهايتها وعلى ظهرهِ فزاعة غريبة تنظر بشكل مريب لكل من يقابلها لكنها لا تخبر احدا بما حدث هناك, قال المؤرخون بعد سنوات ان هذه الفزاعة كانت نبيا تم سحب مواليده للجيش قبل ان يعلن نبوتهُ وعندما حصل على رتبة رئيس عرفاء مسخه الرب الى فزاعة لأنه لم يبلغ ما أنزل اليه وبقى صامتا, ينفذ الأوامر العسكرية من دون ان يقول شيئا, اما عجائز المدينة فقلن ان هذه الفزاعة كانت لرجل يُجيد الغناء وعندما ذهب الى الحرب غطى سماء الجبهة الملتهب بالدخان بالأغاني ولأن الحرب لا تحب الغناء حولتهُ الى فزاعة ليصمت للأبد…..

 

كان الحصان يجوب شوارع المدينة ليل نهار وهو يتبختر بمشيتهِ والفزاعة متكلسة على ظهرهِ وحالما يمر من امامي  يلتفت الي, كنت اتخيل احيانا انه يرسم ابتسامة خفيفة على شفتيه فهو يعرف انني من القلائل الذين نجوا من الحرب رغم انني عدت الى البيت بكرسي مدوّلب وتركت قدميَّ هناك, اتخيل احيانا انهما سيعودان لوحدهما من الحرب في يوم ما لكن ذلك لم يحدث ولكي لا أشعر بالضجر طوال النهار اوكلتْ لي زوجتي مهمة رمي الأزبال وجلب الخبز والبقالة من المحلات القريبة من البيت, كنتُ اجلس طوال النهار على الكرسي المدوّلب قرب باب البيت اراقب المارة واتحدث معهم احاديث لا أهمية لها في الغالب…..

 

كان الشارع فارغا تماما من السيارات وهذا جعلني اقود الكرسي واسير في منتصفهِ للوصول الى محل بيع الخبز, عندها دلف الحصان بفزاعتهِ واقترب مني بهدوء قبل ان يقف قبالتي, ابتسمتُ بوجههِ وقلتُ لهُ

 

–       والان …ماذا سيحدث

 

بقى واجماً قبل ان يمر بجانبي ويذهب في سبيلهِ…

 

في اليوم التالي وبينما كنت اتفحصُ محتويات المزبلة القريبة من البيت بعد ان رميت الازبال هناك وقف الحصان خلفي تماما, شعرتُ حينها وكأنهُ هبط من السماء فلم اسمع وقع اقدامهِ وهو يقترب مني وهذا جعلني التفت نحوهُ بسرعة لأراه ينظر في عيني ويبتسم, هذه المرة كان يبتسم بشكل حقيقي, هز رأسهُ للجهة اليمنى وهذا جعلني انتبه للورقة المعلقة بيد الفزاعة, كانت ملتصقة بطريقة غريبة وكأن صمغا خفيا يثبتها هناك وهذا جعلني اقترب واسحبها من يدها واقرأها بصوت مسموع, كان مكتوب بخط كبير شغل مساحة الورقة بالكامل جملة واحدة فقط

 

–       أريد ان انزل من الحصان

 

من دون ان افكر وضعتُ يدي على مساند الكرسي المدوّلب وحاولتُ ان اقف لكنني ادركتُ فجأة انني بلا قدمين, حينها شعرت وكأنني فقدت قدميَّ للتوّ حتى ان وجعاً خفياً بدأ يحتل المكان الذي بُترت منهُ الاقدام وهذا جعلني ارمي الورقة في المزبلة واعود الى مكاني الأثير قرب باب البيت عندها فقط ادركتُ ….

 

أن في هذه المدينة لا أحد يستطيع الوقوف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *