في كل ليلة أترقب الطبق الطائر يأتي إليّ ليحملني إلى الفضاءات البعيدة.
هناك خلف الأفق أراه يتقدم نحو نافذتي، أجد نفسي في لحظات أعبر من خلاله إلى داخل الكبينة.
أنا انتظرك أيها الطبق الفضائي الطائر على أحر من الجمر، ولكن لماذا تأخرت هذه المرة؟!
زفر الطبيب النفسي وهو يطوي الورقة، رفع رأسه مخاطباً زوج المريضة:
– سيد (فؤاد) أصارحك القول بأن زوجتك تعاني من مرض انفصام الشخصية.
انقبض قلب (فؤاد) ألماً وهو يستمع إلى حديث الطبيب، ابتلع ريقه محاولاً أن يخفي قلقه:
– كيف يا دكتور؟
واصل الطبيب حديثه قائلاً:
– كما يتضح من خلال ما كتبته زوجتك بالرسالة وملاحظاتك لسلوكها المستمر في الوقوف أمام النافذة وبعد تشخيصي لحالتها من خلال الجلسات السابقة من اجراء فحوصات بدنية واختبارات واجراء التقييم النفسي تبين مع الأسف أنها تعاني من تخيلات فصامية، أرجح مبدئيا أنها محاولة للهروب من ضغوطها النفسية.
هز (فؤاد) رأسه وهو يضعه بين كفيه.
ربت الطبيب على كتفه محاولاً تهدئته:
– لا تقلق يا سيدي فالعلاج النفسي لهذه الحالات قد تقدم بشكل كبير.
رفع (فؤاد) رأسه ليتأمل الطبيب بصمت.
تنحنح الآخر وهو يسند ظهره إلى المقعد شابكاً أصابعه أمام وجهه وكأنه سيلقي محاضرة طويلة:
– سيد فؤاد .. انفصام الشخصية هو مرض ذهاني يتصف به المريض بعدم القدرة على التمييز بين الحقيقة والخيال، حيث يعيش نوعاً من الهلاوس التي يتخيل من خلالها أصوات تتحدث إليه، إضافةً إلى رؤية أشياء لا وجود لها بالأساس، أي أنها أوهام مرضية يعتقد من خلالها أن هناك أشخاص من عوالم أخرى تتواصل معه وحده.
– والآن يا دكتور؟
– يجب أن نبدأ معها جلسات العلاج.
ترقرقت عينا (فؤاد) بالدموع وهو خارج من العيادة، صعد إلى سيارته وأخذ يسترجع ذكرياته الجميلة مع زوجته، بعد دقائق وصل إلى المنزل ثم خطى عتبات السلم، فتح باب غرفة النوم ليتراجع فجأة خطوات إلى الوراء مغمضا عينية بقوة اثر اشعاع قوي مبهر يعمي الأبصار! تصاعدت ضربات قلبه بعنف وهو يفتح عينيه ببطء وما أن وقعت عيناه على النافذة حتى شهق بذعر وهو يتأمل المشهد بذهول.