السلام على عليِّ بن أبي طالب (كرَّم الله وجهه)(23ق.هـ ـــــ 40 ه)، السلام على أقواله وأفعاله، على مآثره وبطولاته، السلام عليه كلَّما مرَّت ذكراه وكلَّما طلعت شمس وهلَّ هلال، إنه أمير المؤمنين ويعسوب المؤمنين (أصل اليعسوب: ملك النَّحل)، وسيد البلغاء، هاشمي الأبوين، لم يسجد لصنم، هو الوليُّ الوصيُّ التَّقيُّ النَّقيُّ، أبو تراب، وأبو الرَّيحانتين، وهو حيدرة (أنا الذي سمَّتني أُمّي حيدرة)، ويقول عن نفسه:
أنا ابنُ ذي الحَوضَينِ عبدِ المطَّلبْ
وهاشمُ  المطعِمُ  في  اليومِ السَّغِبْ
أوفي بميعادي  وأحمي  عن حَسَبْ
وهو الأنزع البطين، وهذه الصفة ذكرها شاعر العرب الأكبر الجواهري في قصيدته العينية التي رثى بها الإمام الحسين (عليه السلام)، إذ قال:
فيا ابنَ البطينِ بلا بطنةٍ    ويا ابنَ الفتى الحاسرِ الأنزعِ
فهو (البطين) من العِلم و(الأنزع) من الشِّرك، كما قال حبر الأمة عبد الله بن عباس.
كان يقول(كرَّم الله وجهه):
ما أكثرَ النّاسَ لا بل مـــا أقلَّهُمُ    اللهُ  يعلمُ  أنّي  لم لأقلْ فنـــداً
إنّي لأفتحُ عيني حين  أفتحُهــا    على كثيرٍ ولكنْ لا أرى أحدا
وإذا كان المثل السائر يقول (ألف صديق ولا عدو واحد) ، فإن أبا الحسن يقول:
وليس كثيراً ألفُ خلٍّ وصاحبٍ    وإنَّ عدوّاً واحــــداً لكثيرُ
وكان يقول للذهب والفضة: ((يا حمراء ويا بيضاء: احمرّي وابيَضّي وغُرّي غيري))، وقد قال قثم بن العباس بن عبد المطلب لما سئل: كيف ورث علي بن أبي طالب (عليه السلام) النبي (صلى الله عليه وسلم): ((كان أوَّلَنا به لحوقاً، وأشدَّنا به لزوقاً))، وقال أبو الأسود الدؤلي لما أتاه نعي الإمام علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه): ((أكرِم به وبمقتله وروحه من روح عرجت إلى الله تعالى بالبر والتقى والإيمان والإحسان…فإنا لله وإنا إليه راجعون، وعند الله نحتسب مصيبتنا بأمير المؤمنين، وعليه السلام يوم وُلد ويوم قُتل ويوم يُبعث حيا… وإني لأرجو أن يجبر الله عزَّ وجل به ما وَهى، ويسدَّ به ما انثلم، ويجمع به الشَّمل، ويطفئ به نيران الفتنة))، وقال شِعراً، جاء فيه:
أفي شهرِ  الصِّيامِ  فجعتمونا    بخيرِ النّاسِ  طرّاً  أجمعينا
قتلتُمْ خيرَ  مَنْ  ركبَ المطايا    وخيَّسَها ومَنْ ركبَ السَّفينا
ومَنْ لبسَ النِّعالَ ومَنْ حَذاها    ومَنْ  قرأَ المثاني  والمثينا
واليوم، في ذكرى استشهاد يعسوب المؤمنين علي بن أبي طالب (كرَّم الله وجهه)، حريٌّ بنا جميعا، وحريٌّ بكل من يذكرون أقواله بتبجيل عال ويتحدثون عن أفعاله بتكريم كبير، أينما كانوا وأيا كانت مشاربهم وانتماءاتهم، أن ينهلوا من كوثر أقواله، ويسيروا على سراط أفعاله، فلا يقولون غير الحق، ولا يبشِّرون إلا بالخير، ولا يفعلون إلا الخير، ولا يأمرون إلا بالمعروف، ولا يفسدون في الأرض، ولا يتَّصفون إلا بالنَّزاهة والخُلُق العالي والصِّدق، وينهون عن المنكر.
وسلام سلام عليك من القلب سيدي أمير المؤمنين وأنت في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *