في الإسبوع الماضي، رمت إحدى حفيداتي (جهاز موبايل) البيت، في حاوية النفايات الخارجية، من حيث لا تدري بذلك، وقد حملت سيارة النفايات تلك الحاوية وكبتسها، بما موجود فيها، وهناك في مكان جمع النفايات، فرغت السيارة حمولتها، وذهبت، وذهب (الموبايل) معها، ما بين ألاف الأكداس من النفايات التي ترمى يومياً، وقطعنا الأمل منه نهائياً، وكانت فيه شريحتان لشركتان إتصال مخلفتان، أحدى الشريحتان إستبدلتها مباشرة في يومها، والثانية على آمل أن أستبدلها بعد أن أبحث عن مستندها الرسمي، لكنني تفأجاة أن هنالك (ترميشة) من جهازنا المفقود، على جهازي الآخر، من الرقم الذي لم أستبدله بعد!
إتصلت به مباشرة، وإذا به صوت أحدهم، يطمئني بعثوره على جهازي المفقود، ويدعوني أن أستلمه، بعد أن أتفقنا على موعد ومكان معين.
وفعلاً.. ذهبت في إليه، فوجدته شاباً في مقتبل العمر، مسكين فقير الحال، ينتظرني في نفس الموعد والمكان، وهو يحمل بيده (جهاز موبايلي) المفقود، وكان حريص جداً ليسلمني إياه، وقد نظف غطائه الخارجي، ومهتم به كثيراً.. بعدما عثر عليه، وهو يمارس عمله اليومي، في البحث عن بقايا خامات منتوجات وخردوات أخرى!!
إستلمت الموبايل منه، بعد أن شكرته كثيراً، وحاولت أن أعطيه شيئاً من النقود، فرفض، وقال لي: مستورة والحمد لله!!
فعلاً.. موقف إنساني رهيب وعجيب.. ومبكي، أن أحد من هؤلاء الفقراء، الذين يبحثون عن لقمة عيشهم تحت ركام أطنان من النفايات والقاذورات، لكي يخرج منها بعض خامات وفضلات المصنوعات، ليجمعها ويبيعها إلى تجار الخردة، لغرض إعادة صناعتها من جديد، ولكي يعيش وعائلته بشرف، ولا يمد يده للآخرين، وكان بامكانه أن يبيع (جهاز موبايلي) ويستفاد من مبلغه ولا من شاف ولا من درى، وهو بأحوج الحاجة إلى مبلغه أكيد..
هؤلاء.. الفقراء المساكين البسطاء، الذين هم تحت مصطلح (خط الفقر) المأساوي، يبحثون عن أبسط حقوقهم في العيش الرغيد، ولا غير ذلك، لا مسؤول حكومي، ولا عضو برلماني، ولا الدولة نفسها تتفقد أحوالهم، أو تلبي جزء من مطالبهم المشروعة، فقط..، في أثناء الإنتخابات البرلمانية، يتكالب عليهم المرشحون من كل صوب، لغرض نيل أصواتهم، بعد عدة وعود كاذبة يقدمونها لهم، وهؤلاء الفقراء يعرفون جيداً، هذه الأكاذيب المتواصلة، ولكنهم لا حول ولا قوة إلا بالله..!!
طوبى للفقراء والمساكين المتعففين من أبناء العراق الغيارى، أصحاب الحضارات والقيم الإنسانية العميقة، والذين ينظر إليهم العالم، بكل فخر وإعتزاز.. وتباً لحكوماتنا الفاسدة التي تتجاهل مطالب فقراءنا وتسرق قوتهم اليومي.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *