متابعة نيرة النعيمي
أثار قرار نقابة الأطباء العراقيين حيال تحديد أسعار أجور المراجعين للأطباء من 10 آلاف إلى 40 ألف دينار، حسب مستوى الطبيب وعمره ومكانه، جدلاً واسعاً بين المواطنين. وتم تحديد الأجور بالنسبة للأطباء في المحافظات، بشكل عام تقريباً 20 ألف دينار فما دون، أما الأطباء في بغداد، ممن لديهم لقب استشاري بخبرة 15 سنة فوق الشهادة، فتبلغ أجور فحصهم للمراجعين 40 ألف دينار، بحسب نقيب الأطباء العراقيين جاسم العزاوي.
استنزاف الأموال
وينتقد مروان جاسم (31 عاماً)، قيمة الكشف الطبي التي حددتها نقابة الأطباء، ويعتبر أن المشكلة ليس فقط في ارتفاع أو انخفاض قيمة الكشف، بل في كفاءة الأطباء. إن “الكثير من الأطباء غير مؤهلين ولا يجيدون تشخيص الأمراض بسرعة، وخاصة الأطباء المتدربين أو المبتدئين الذين يتواجدون في العيادات الخاصة مع أطباء كبار”.ويضيف حامد : “نعاني من استنزاف هؤلاء الأطباء لأموالنا عبر سلسلة من المراجعات لهم، تُفرض على المريض ربما أسبوعية وفي كل مرة يضطر إلى دفع قيمة الكشف مجدداً”. مروان الذي يعمل في بناء الدور لا تتجاوز أجوره اليومية 25 ألف دينار عراقي، فأجوره مرهونة بذهابه إلى العمل من عدمه. ويشير إلى أن اليوم الذي لا يعمل فيه لن يحصل على أجر، بالتالي فإن إصابة أحد أفراد أسرته بمرض ما يستعدي مراجعة الطبيب يعني أن يستدين مبلغاً من المال قد يتجاوز 150 ألف دينار عراقي لتغطية تكاليف قيمة الكشف والتحاليل المختبرية والأدوية.
سلسلة من المراجعات
من جهتها، تقول نرمين (61 عاماً)، إن “قيمة الكشف الطبي الذي حددته نقابة الأطباء لا تزال مرتفعة بالنسبة لامرأة راتبها لا يتجاوز 350 ألف دينار عراقي من دائرة الضمان الاجتماعي”. نرمين التي كانت وما زالت تخضع لسلسلة من العلاجات والمراجعات الدورية، بسبب إصابتها قبل ثلاث سنوات بسرطان الثدي تقترح على نقابة الأطباء في تحديد قيمة الكشف الطبي، حسب الأمراض. “الأطباء الكبار من الذين لديهم خبرة طويلة في الأمراض مثل السرطان، لا يمكن أن تتجاوز قيمة الكشف الطبي لديهم إلى أقل من 40 ألف دينار عراقي، وهو مبلغ لا يقوى عليه الكثير من الناس وخاصة مرضى السرطان”.
دوامة أمراض جديدة
المعاناة نفسها تواجه كريمة (39 عاماً)، وهي معلمة لمراحل الدراسة الابتدائية. إن “راتبها الشهري لا يكفي لكي تراجع طبيباً دائما حتى بعد أن حددت النقابة قيمة الكشف الطبي”. كريمة التي لديها ثلاثة أطفال وزوجها يعمل بأجر يومي لا يتجاوز 20 الآف دينار عراقي، ترى أن “المشكلة ليست أيضا فيما يدفعه المراجع للطبيب من أجور الكشف، إنما في تلك الأساليب التي يتبعها الأطباء لاستنزاف الأموال من المرضى المراجعين”. وتضيف: “معاناتي كبيرة في حال إصابة أحد أفراد أسرتي بمرض ما، لأن مراجعة الطبيب لا تعني مرة واحدة لمعالجة مرض واحد وينتهي الأمر في البلاد”. وتتابع كريمة “ستجد نفسك مضطراً لمراجعته لأكثر من مرة، وكأنك وقعت في دوامة من أمراض جديدة يُخبرك عنها وتستدعي معالجتها لفترات قد تستغرق أسابيع طويلة”.
المنظومة الصحية
وقبل قرار نقابة الأطباء هذا، كان الكثير من العراقيين يعانون من ارتفاع قيمة الكشف الطبي حيث تراوحت قيمة المراجعة الواحدة لطبيب ما، من 50 إلى 70 ألف دينار عراقي.تقول الناشطة الحقوقية ، إن “تحديد قيمة الكشف الطبي بهذه المبالغ يمكن أن يضع ضغطاً كبيراً على الأطباء تجاه تقديم الرعاية وخاصة للحالات الطارئة، لأن الاقتصاص أو التقليل من أجور التشخيص تثير استياءهم” وترى أن “الجدل حول ارتفاع قيمة الكشف الطبي في البلاد ليس بالجديد، لكن المشكلة في مدى مهارة الأطباء من عدمه وكذلك في الأسلوب المتبع من قبل الكثير منهم في استنزاف أموال المرضي عبر سلسلة طويلة من المراجعات لحين الحصول على الشفاء”. وتتابع واثق “تدهور المنظومة الصحية في البلاد دفع بالكثير من المرضى مراجعة عيادات الأطباء الخاصة، بدلاً من مراجعة المستشفيات الحكومية المجانية”. “كما أن اهتمام الحكومة بإصلاح المنظومة الصحية المجانية كفيل للخلاص من مشكلات ارتفاع قيمة الكشف الطبي، لأن معدلات الفقر والبطالة في البلاد في تزايد”، وفق واثق وتعاني البلاد من هجرة آلاف الأطباء بسبب الأجور المتدنية والتهديدات الأمنية والاغتيالات بحسب وزارة الصحة العراقية.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *