-1-
اذا كان من الصحيح القول :
بأنَّ معظم الحُكّام اهتموا بأنفسهم ومصالحهم أكثر مِنْ اهتمامهم بمواطنيهم، فانّ من الصحيح أيضا أنْ يقال :
ان التاريخ سجّل لبعض الحُكّام مواقف توجها الشرف والنبل والحب للمواطنين، غير أنَّ هؤلاء ليسوا بكثيرين .
-2-
وممن سجّل له التاريخ موقفاً متميزاً في مضمار العناية بالمواطنين والحب لهم { عبد الرحمن بن الضحّاك
حيث حاء في سيرته :
انه حين عُزل عن ولاية المدينة بكى ثم قال :
{ واللهِ ما بكاني جَزَعاً مِنَ العزل ، ولا أَسَفَاً على الولاية ،
ولكنْ أخاف على هذه الوجوه أنْ يلي أمرها مَنْ لا يعرف لها حقّاً }
لقد أقسم الرجل على ما قال، وحَسْبُه أنْ تكون حقوق المواطنين وكراماتهم هي المسألة التي تشغل بالَهُ وتؤرقه الى الحدّ الذي تترقرق معه الدموع خوفاً من تعرضهم الى ما لا يستحقون من الإهمال والانصراف عن إشباع حاجاتهم وتأمينها على أفضل الوجوه .
-3-
إنّ ( عبد الرحمن بن الضحاك ) لم يكن الاّ المثال على المسؤول الشريف المُدرِك لواجباته أزاء مواطنيه ،
وما قيمةُ المنصب الذي يتولاه المسؤول اذا لَمْ يكن معنيّاً بخدمة المواطنين والسهر على راحتهم ؟
-4-
ومن المؤسف للغاية أنَّ المحاصصات الحزبية التي رُوعِيَتْ في تسليط المسؤولين على رقاب الشعب العراقي لم تختر للمناصب المهمة الأصلح من أفرادها، والأكفأ منهم للنهوض بالمسؤولية، وانما وقع الاختيار في غالب الحالات على السميع المطيع المنفذ لأوامر الجهة السياسية التي أَوْصَلَتْه الى الموقع بغض النظر عما يحمله من مواصفات قد لا يستحق معها أنْ يكون في أدنى المواقع ..!!
ومن هنا بدأت المصائب وكثرت المعائب .
-5-
لقد قرأنا الفاتحة للمعايير الموضوعية التي تقتضي أنْ يوضع الرجل المناسب في الموقع المناسب منذ 9 /4 /2003 حتى هذه الساعة .
-6-
انّ المرارة التي يعيشها المواطنون العراقيون من سوء الخدمات تعجز عن وصفها الحروف .
-7-
ومما زاد الألم ضراوة في نفوس المواطنين تَحَوُّل معظم المملقين الذين كانوا يعانون شظف العيش قبل سقوط الطاغية المقبور الى أصحاب عقارات وأرصدة ضخمة في المصارف الأجنبية بعد توليهم لمناصب رسمية أُسْنِدَتْ اليهم دُوَن أنْ يقدّموا للشعب ما يتطلع اليه من مشاريع وانجازات .
وهنا تكمن الكارثة .