برغم مواجع الأيام التي عصفت بي بعد فقدان ولدي الا ان بعض الأصدقاء كانت لهم مساهمات ودعوات الغاية منها التخفيف وخروجي من الازمة – بقدر ما – وقد زرت مهرجان الكتاب الأخير في معرض بغداد الدولي برفقة الصديق د يحيى علوان حينما وقعت عيني على كتاب ( من يحكم واشنطن ) لمؤله خضر عواركة .. الذي سارعت باقتنائه لفضول معرفي تاق بكل وجداني لمعرفة السر الكامن منذ اكثر من ثلاث قرون حول تلك لقارة البعيدة المكتشفة بمرحلة مفصلية من تاريخ البشرية .

الكتاب لم يتطرق الى ديمغرافيا وثروات وموقع وسكان واصول الامريكيين … بقدر ما ركز على أصول القوة التي تعتمد عليها هذه القارة في توحدها وفرض ارادتها على اكثر من مفصل بصورة قسرية او اتفاقية او طوعية .. الكتاب لم يتطرق كثيرا الى صناعة القوة العسكرية مع انها هي السيف المشهور منذ مائة عام تقريبا لفرض سياساتهم .. الا ان التركيز صب على ثلاث نقاط أساسية تتمثل في صناعة واكتناز المال الذي يعني ضمنا حيازة السلاح وإدارة ملف الاقتصاد .. والنقطة الثانية تتمثل في صناعة وسيطرة الاعلام التامة على العالم و اغلب رايه العام وما تعنيه من عجينة ضرورية لخبز أي رغيف شكلا وطعما ووجبة .. اذ ان التغذية الفكرية والنفسية والعقائدية تعتمد بجوهرها على ذلك الرغيف المصنوع باتقان حرفي تام .
اما النقطة الأساس الافتة للانتباه والخاطفة للالباب فهو ذلك العدد الكبير من مراكز البحوث العلمية التي بلغت حوالي أربعة الاف مركز بحثي نصفها – كما جاء بالكتاب والمصادر – يرتبط بالجامعات الامريكية والنصف الاخر يسيطر ويدار ويضم كبار رجالات النخب بكافة الاختصاصات المطلوبة حتى وان بدت لبعض الأمم النائمة انها بسيطة لا تحتاج الى مركز بحوث ..
المراكز صنفت الى ثلاث :- منها البسيط بميزانية سنوية لا تتجاوز اثنين مليون دولار وبعشرة عاملين فقط .. اما الصنف الثاني فميزانيته تعدت 15 عشر مليون دولار ويضم حوالي مائة موظف .. اما الأهم واكبر فتتجاوز ميزانيته الظاهرة – والله وأصحاب الشأن وحدهم يعلمون الرقم الخفي – تبلغ مائة مليون دولار سنويا وبعاملين يصل عددهم الى خمسمائة .
الأهم من ذلك كله والمخرج المثير الذي يمكن له ان يوجز اعلمية واهمية هذه المراكز .. يكمن في ان مهمتها الأساسية – فضلا عن كثير الخدمات الأمنية والصناعية والفكرية والعسكرية التي تنهض بمسؤوليتها – الا ان الأساس يكمن في تهيئة وتقديم مستشارين وقادة للمؤسسات الامريكية من خضع منها للدستور الأمريكي او عمل خارج السياقات المرئية .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *