على الاقل بعد عام ٢٠١٠ اخذت التظاهرات تشكل احد وسائل العمل السياسي في العراق ، وربما قائل يقول عجيب هل جميع تظاهرة تخرج للشارع سياسية ؟ نعم وبكل صراحة !
فمن خلال مراجعة متواضعة لأحداث الشارع في العراق ، تجد ان التظاهرات تكاد تكون هي الوسيلة الوحيدة للعمل السياسي ، بل حتى البرلمان لا يناقش قوانين ولا يلغي اخرى او يعدل الا تحت اصوات تظاهرات الشارع ! وكأن الشارع اصبح يعلم السلطة التشريعية بدورها المرسوم لها وكذلك بقية السلطات .
ووسط عدم السيطرة على الشارع من مؤسسة الدولة وعدم وجود القوانين الضامنة لحرية التظاهر والتعبير والمانعة من التعسف والقمع ، من الطبيعي ان يكون الشارع مهيأ لأية فعالية سياسية على شكل تظاهرات وان عنونت بمطالب الشعب وخدماته ورفعت شعارات الاصلاح .
هذا لا يعني الحكم على جميع المتظاهرين بالتكتل والتوظيف والعمل كأدوات ولكن الاصل العام هذا ولا نحتاج ان نثقل بال القارئ بذكر الامثلة.
اقول وانا اتصفح مواقع التواصل الاجتماعي يوميا ارى جميع شرائح الشعب خرجت بتظاهرات هذه الأيام كلا يغني على ليلاه ، فالمحاضرين المجانيين في المدارس الذين ساهمت السياسة ايضا في اغراق المدارس بأعدادهم دون دراسة وتخطيط يريدون تثبيت !
وعقود دوائر وزارة الكهرباء التي بيعت في السنوات السابقة اغلبها بإلاف الدولارات كدرجات وظيفية يريدون تثبيت!
وهكذا بقية اصحاب العقود والاجراء والمستخدمين الذين صدرت اوامرهم في فترة ما لأسباب سياسية وانتخابية!
ناهيك عن موظفي الوزارات الذين اخذوا يتجرؤون ايضا في الخروج للشارع مطالبين بتنفيذ الامر الفلاني والغاء الامر الاخر !
اقول ما فائدة ٣٢٨ نائب يمثلون الشعب ويفترض بهم ان يكونوا اداته في الرقابة على عمل السلطات واصدار القوانين ، اذا كانوا ممثلين امام وسائل الاعلام فقط ويتحدثون بما ينتجه الشارع !
اين وزارة التخطيط والمالية مما يحصل في الدولة من فوضى ستأكل الاخضر واليابس وتحرق بنارها الجميع !
بكلمة اخيرة اصبحت التظاهرات في العراق ظاهرة تستحق الدراسة من كل النواحي لتطهيرها من التسييس والفوضوية والحفاظ عليها كوسيلة شعبية وفق اطارها الصحيح وعدم استغلالها من قبل كل من هب ودب.