العاصفة الترابية السياسية هبّت على العراق، ولا يوجد حزام اخضر آمن لحماية جميع الكيانات والشخصيات والمناصب والمسميات منها.
جاء اقتران الحدث السياسي الأبرز في انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية بموجات من الغبار الثقيل أغلقت المطار وأدخلت ذوي الرئات الضعيفة الى المستشفيات وعطّلت السفر على الطرقات وبين المدن المتباعدة وأعادت الى الاذهان قلّة التجهيزات الرسمية لمواجهة الانواء الطارئة في بلد انشغل بشؤون ثانوية او رئيسية لكنها كلها من صنع ايدي سياسيين قصار النظر ظنّوا انّ إدارة العراق تشبه آخر جلسة مضطربة للمعارضة العراقية مع زلماي خليل زاد المبعوث الأمريكي لملف العراق، في احدى قاعات فندق هيلتون وسط لندن، تمهيداً لحرب احتلال العراق وتسليم الحكم الى الأقطاب المتداولين الساعة.
وضع العراق مع العاصفة الترابية يشبه وضعه السياسي، إذ لا توجد مصدات للرياح إذا عصفت، ولا سقوف إذا ما ارعدت وأمطرت. كما انّ الطرقات بين القوى السياسية تبدو مقطّعة، والمواصلات السياسية مثل الطرق الخارجية وقت العاصفة الترابية. وانّ محاولات ادامة الصلة تبدو مغامرة في ظل وجود طرف جريح لا يزال ينزف، سارعوا الى استيراثه قبل أن تلتئم جراحه.
العملية السياسية غير مصممة لصد العواصف، وفي أحسن الحالات تعتمد على المصدّات الخارجية، في حين انّ الشعب لا يمثل ضمانة لأحد بعد تكرار تجارب الفشل وانحدار الأوضاع نحو الحضيض بالرغم من التفاتات صغيرة لامتصاص نقمة هنا أو هناك.
المثير في المشهد العراقي انّ الخبرات تستعصي أن تمنح نفسها لمن لم يكترث لاكتسابها، قاطعاً عنق الزمن في التسالي والتباهي، والتخاصم، والتلذذ بالمغانم ،والمكاسب.
اليوم يتجلّى معنى الكلام عن هشاشة العملية السياسية وتفاهة التخريجات والتبريرات التي ظنَّ السياسيون انهم خدعوا الشعب بها، وقد كان مغلوباً على أمره تحت الاحتلال الأمريكي سنوات، وفي جيب النفوذ الإقليمي سنوات، وبيد تنظيم داعش سنوات.
الفشل السياسي يورث هذه الازمة التي لا يزال معظم السُذج وهم زعامات سياسية في الغالب، يسيرون عكس اتجاه السير موهومين بأنّ الأمور تجري لصالحهم، وهي تجري بهم الى حيث باب المجهول الذي قد يفتح في أية لحظة وبأبسط طرقة