-1-

حبُّ المال واكتنازُه يدفع بكثيرٍ مِنْ ذوي الثراء الى تأجيل انفاقهم في ميادين البر والاحسان والمعروف الى ما بعد الموت ..!!

يكتب في وصيته مثلاً :

ادفعوا رواتب شهرية لمائة عائلة فقيرة

وزعوا الكسوة على الأيتام والأرامل صيفا وشتاء …

ابنوا مستوصفاً وجهزوه بالمعدات الطبيّة الحديثة لعلاج الفقراء .

قدّموا المساعدات المالية للراغبين بالزواج من غير الميسورين .

وهكذا …

وَتَنْفُذُ الوصيةُ بما لا يزيد عن ثلث أموالهم ،

أما ما زاد عن الثلث فموقوف على إجازة الورثة .

-2-

وهنا سؤالان :

الاول : لماذا لم يباشروا بأنفسهم تنفيذ المبرات ؟

الثاني : كم من الوصايا المكتوبة يَتُمُ تنفيذُها بحذافيرها وكما أراد المُوصون ؟

والجواب :

انهم لا يباشرون تنفيذ مشاريعهم البارة خوف الاحتياج الى المال المُنْفَق عليها ..!!

هذا من جانب

ومن جانب آخر :

فان التسويف أمر مشهود في سائر الأمور ؟

وكما يسوفون التوبة يسوفون تنفيذ تلك المشاريع ..!!

ودلّت التجارب على أنَّ تنفيذ الوصايا بحذافيرها تكتنفُه في الغالب عوائق، وتحول دون تحقيقه العديد من الملابسات والظروف ..

-3-

وهنا نُبادر الى التذكير بنص مهم للغاية لابد أنْ يكون نصب أعين المُوصين لايصاد الباب أمام كل الوان التسويف والتلاعب :

روي انّ شاباً من الأنصار في زمن الرسول (ص) جمع من الحلال مالاً ثم ابتلي بمرض فعاده الرسول (ص) مع جماعة من أصحابه ، فقال الشاب :

يا رسول الله :

أُوصيكَ أن تتصدق بعد وفاتي على الفقراء بمبلغ مقداره كذا …

)عيّن الشاب الانصاري المريض ذلك المبلغ (

فقبلَ الرسولُ (ص) بالوصية

ولما مات الانصاري تصدّق الرسول (ص) بذلك المال

فقال بعض الفقراء في نفسه :

للاغنياء خيرُ الدنيا والآخرة

فعلم رسولُ الله (ص) ما أضمر ذلك الفقير في نفسه ،

فأخذ تمرةً ورفع يده وقال له :

ما الذي بيدي ؟

فقال :

جُعلتُ فداك تمرة واحدة من التمرات فقال (ص) :

” والذي أرسلني بالحقّ نبيّا ،

لو تصدّق هذا الشاب بِيَدِه بتمرةٍ واحدة لكان خيراً له مما تصدّقتُ بِهِ عنه”

وهكذا يدعونا الرسول (ص) الى التعجيل في كل ما يتعلق بالبر والاحسان والنفع الانساني بدلاً من التأجيل الى ما بعد الوفاة .

وهذا ما أكد عليه الامام امير المؤمنين عليُّ بن ابي طالب (ع) حيث قال

” كْنْ وصيَّ نَفْسِكَ ،

وافعلْ في مالِكَ ما تُحبُّ أنْ يفعَلَه غيرُك “

وهنا تكمن العظة .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *