حلم العراقيون بجمهوريتهم الجديدة بعد الاحتلال الاميركي ، وتمنوا العيش تحت ضلال الحرية المنظمة والديمقراطية الشفافة والمشاريع السياسية الوطنية والاقتصاد المتطور والمجتمع المفعم بالنشاط والبناء والقوة والابداع والمساهمة الفاعلة من قبل الجميع في بناء الدولة ومستقبلها الزاهر ضمن اطار اقليمي ودولي تعتمد احترام الجميع وتمد الجسور مع العالم بامان وسلام، حلموا بدولتهم ومجتمعهم الموحد وانتهاء عهد الحروب وسفك الدماء، لكنهم استيقضوا على اصوات مفخخات وصلت غرف نومهم، ولم تستثني حتى جوامعهم وجامعاتهم وكلياتهم ومعالمهم الاثرية ومقاهيهم وحاراتهم ، صحوا على حياة شبه متوقفة بعد ان فقدوا ما كان لديهم من مشاريع صناعية وزراعية وثقافية واقتصادية اتت على الاخضر واليابس وما يملكون، حيث تلاشت كل الاحلام و تصحرت اراضيهم وتراجعت مؤسساتهم ودمرت مراكز بحوثهم العلمية بدل تطويرها وطال الخراب كل ما موجود منها حتى في زمن النظام البائد.
ماحدث في العراق بعد العام 2003 يحتاج الى مجلدات من الوصف والتدقيق والشرح المفصل ويحتاج الى الاف البرامج التفاعلية لشرح نكبة العراقيين بوطنهم ومجتمعهم وثرواتهم المباحة والسائبة كل هذا حدث وما زال يحدث امام صراخ الوطن والمواطن بعد ان غابت العقول المنصفة والمحايدة وعمت البصيرة وغاب الوعي عن حكام العراق وسياسيه الذين سرقوا، بل قتلوا احلام العراقيين بدل قهر المستحيلات وتفكيك ازماتهم التي صنعوها وبدل ان يعملوا بجد وبشرف المسؤولية من اجل تحويل هذه الاحلام المشروعة الى واقع ملموس والعمل على تحقيق المطلوب من اجل بناء دولة ومجتمع وبلد جديد.
عودة الثقافة
لقد تبخرت كل الاحلام حتى البسيطة منها بل دفعوا بالعراقيين الى الحنين الى ماضيهم الدكتاتوري بعد ان خاب املهم في عودة الثقافة والاداب والفنون لمجتمعهم ووطنهم ودولتهم وجمهوريتهم الجديدة وبدى الشغل الشاغل للكثير من القيادات السياسية والحاكمة واحزابها التي نصبت بعد الاحتلال التفنن باساليب البهرجة وجمع المال الذي انتج للعراقيين انواع واشكال من نماذج الفساد المالي والاداري ومظلات التحاصص والتقاسم من اعلى هرم السياسة والسلطة حتى اسفلها لحماية الفساد و الفاسدين، وكبر حجم التحديات الصعبة امام العراقيين والتي كانت من نتاجات بعض حكامهم وقياداتهم السياسية واحزابها وكانت هي السبب الاول في العوامل التي انتجت ازمات الداخل والخارج والتداعيات والظروف الصعبة التي مازالت تحاصر العراق وشعبه وكانت لنتائج هذه التداعيات والظروف غياب الارادة السياسية القوية. والعراقيين ليس امامهم غير الصبر وتحمل كل هذه الصعاب حتى لبسهم الفقر والتفاوت الطبقي وتضخمت وتضاعفت كوارثهم وازماتهم وانقطاع الخدمات عنهم واصبحت عصية عليهم الحلول امام خداع وفهلوة الوعود الكاذبة من قبل بعض من يقود البلاد ويحكم ويمسك بزمام سياستها ، والنتائج كانت هبوط المدخولات المالية لملاين المواطنيين وانهيار مستويات المعيشة بنسبة 30 بالمئة من الشعب العراقي ولم يبقى الحال عند هذا الحد، بل فقد العراقيون السيادة على ارضهم حتى احتلت داعش ثلث الاراضي الوطنية قبل ان يتم اعادتها وتحريرها بدماء الملايين من الشهداء الغر الميامين من الجيش والحشد الشعبي.
لقد فقد العراقيين حلمهم وهم يشهدون وطنهم غير كامل السيادة و بلا تنمية او مشروعات قومية وطنية وما زال الارهاب لحد الان يرتع ويشكل بؤرا تهدد امننا القومي وورقة سياسية تلعب بها بعض الدول الاقلمية والدولية وتستخدمها واشنطن لحساب اعداء العراق بشكل عام واسرائيل بشكل خاص لاذلال العراقيين واخضاعهم للظروف القاسية ليصمتوا ويتقبلوا واقعهم المر الذي بات اهم ادواته الفساد والفاسدين من بعض الحكام والسياسيين المرتبطين بالخارج والذين يهمون بالصعود الى مركب التطبيع بضغط من بعض الدول الاقلمية والدولية وسياساتها ومشاريعها المفضوحة التي يراد لها ان تلعب بمقدرات العراق وشعبه وتاريخه وحاضره ومستقبله، وهم يعملون جاهدين من اجل تقطيع شرايين العراق والعمل على ابعاده عن مشاريع البناء والاعمار ومحاربة الفساد وافشال برامج وخطط الاستثمار وتحسين ظروف حياة العراقيين بعدم السماح له لبناء قواعده ومنطلقاته واسسه الاقتصادية التي يتمكن من خلالها تحقيق اكتفاءاته الذاتية من الغاز والكهرباء لتلبية احتياجات الصناعة والزراعة والاستثمار بكل انواعه. والهدف هو وضع العراقيين في الحلقات والمساحات والفضاءات الضيقة ومنعهم من الخروج الى العالم الرحب المتطور لتضيق حياتنا وتتضاعف تحدياتنا وازماتنا وكوارثنا وتدمير ما نملكه من بنى تحتية، ومنعه حتى من مياه النهرين دجله والفرات بين ليله وضحاها.
ثروة وطنية
لقد اصبحت احلام العراقيين كوابيس نعجز عن حصر ذكرها وحجمها كوابيس كلفتهم الكثير من دمائهم وثرواتهم الوطنية بعد ان تمنوا بأن يصبح وطنهم اجمل وابهى وارقى مما كانوا عليه من واقع صعب وشاذ قبل الاحتلال البغيض الذي اجرمت من خلاله واشنطن بحق الشعب العراقي والمنطقة برمتها.. كان الحلم ان يكون العراق وشعبه الافضل وفي الصورة الاجمل التي يستحقها ويكون عليها ،،ولكن بارادة العراقيين وتصميمهم وايمانهم بوطنهم وقدراتهم وثرواتهم والشرفاء والمخلصين وهم كثر سيبحثون ويعملون من اجل تحقيق طموحاتهم المشروعة و بناء حاضرهم ومستقبلهم كما يحلمون به لان احلامهم في البحث عن الافضل والتصميم على ذلك هو السبيل لخلاصهم ونجاحهم بل هو الحياة بعينها وذاتها وان غدا لناظره قريب.