تستيقظ من نومٍ عميق كأنّك قد خرجت للحياة أوّل مرّة، تحاول التعرّف على نفسك ثمّ الموجودات حولك، تظهر أول العلامات الّتي تُبيّن حقيقة الإنسان، الرغبة الجنسيّة، تبدأ فعاليات تلك الرغبة من الشفتين، بداية الشهوة و سيطرة الرغبات على جسدٍ حديث العهد داخل بالوعة الحياة، تحاول وضع أيّ شيء في فمك، تحاول مداعبة شفتيك بأيّ شيء، إصبع، عبوة ماء بلاستيكيّة أو سيجارة، السيجارة ألذّ عندما تُولد في هذا العمر، تجعل مؤخرة السيجارة تُلبي رغبة الشفتين، تترك الدخان يُثير الرئتين و أنبوب المهبل الهوائي، لا داعٍ للمضاجعة فالمداعبة أولى من الإيلاج، بعد فرض السيطرة على الرغبة الجنسية و ثبات تطوّرها تبدأ بإكتشاف باقي جسد المولود، تبحث عن مميزاتٍ طبيعية، شامة هنا، أصابع مخدّرة هناك، بعض الشعر على مواضع في الجسد، وحمة هناك، تكتشف الجزء الأهم في جسدك، تلمسه برفق، تُداعبه على مهل، تحاول إكتشاف فتحاته و تفاصيله كافة، تستشعر أوردته و هيّ تنبض بقوّة، تدفق الدم فيه طبيعي و منتظم، تضع يديك معاً حوله، تُمسك قاعدته، تُحرّكه يميناً و يساراً و هو يقف بإنتصابٍ مقدّس، تتأمل هذا الرأس و دقّة تكوينه، تكتشف أهم جزء في جسد الإنسان الطبيعي، الرأس و ما يحويه من حواسٍ مسيطرة على جميع الفعاليات الأساسيّة و الثانويّة، تُغلق أُذنيك بأصابع يديك و تُغمض عينيك، تنتظر الهدوء المثالي مع سماع دقّات قلبك المنتظمة و البسيطة لمولود حديث، تمدّ يدك بعيداً، تمدّها بإنبساطٍ تام، تعثر على جزءٍ صغيرٍ طريٍّ يغرق في كفّ يدك، تعصره قليلاً، تشعر بحرارته تتدفّق نحو جسدك، تشتعل أصابعك بحرارة حقيرة، تشعر ببعض الأشياء تخرج إلى أصابعك، لا زلت غالقاً عينيك؟ إفتحهما يا عزيزي و أبصر نور الحياة القبيحة الّتي دخلتها بعد نومٍ غبيّ، أُنظر لما في يدك يحرقها، تلك السيجارة الّتي لم تُطفئها عندما سحبت دخانها إلى رئتيك، لا تُداعب ما لا طاقة لك عليه، ها قد تعلّمت شيئاً جديداً و أنت في مهدك، لن تعلم إحساس الألم و تأثيره حتّى تراه بعينك، حتّى ترى تأثيره بعينك البنيّة الغامقة، تحاول النهوض، إكتشاف آخر في طريقه، إكتشاف مؤلم يا صديقي، تُنزل قدميك الطويلتين نحو الأرض، تجلس منتظراً إستحضار القوّة العظمى للنهوض، تدفع جسدك بيديك الموضوعتين على السرير، تقف منتصباً عارياً، مولود حديث تنتصب قامته بلا فكرة عمّا يدور حوله أمر إستيقاظه في هذا الصباح وهنا يأتي إكتشافنا العظيم، لم تُصنع تلك الأقدام للوقوف بواسطتها بل للجري! للهرب!، اهرب بكلّ ما فيك من طاقة خام، اجري نحو حريّتك الّتي ماتت عندما إستيقظت وسط هذه الحياة، اجري نحو موتك!، اجري!.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *