التوقعات ازدادت من مراكز القرار في عواصم كبيرة بشأن طول أمد الحرب في أوكرانيا، وهذا يقود الى انّ التأثيرات التي اصابت الأوضاع الاقتصادية من جراء الحرب ستستمر الى وقت طويل وربما غير معلوم أيضاً، وانّ اللاعبين الأساسيين في هذه الحرب سيمضون الى تحقيق أهدافهم، كل بحسب الاجندة التي يتحرك من خلالها.
العرب برزوا عنصراً ترجيحاً في حلقات أساسية في هذه الحرب من خلال ملف الطاقة، النفط والغاز، وهذه فرصة تاريخية للعرب فيما لو كان لهم كيان اقتصادي موحد او تكتلات ذات برامجيات مشتركة في الثقل الاقتصادي في العالم، وليسوا فرادى التوجهات أو في أحسن الاحوال انهم منضوون في المنظمات الدولية المعروفة، التي يبدو انّ التحركات الحاسمة تجري من ورائها، بحكم تسارع الاحداث الناتجة عن هذه الحرب وما سيأتي بعدها.
أوربا تفيد بسرعة من هذه الحرب، برغم خسائرها الوقتية لمصادر تقليدية في الطاقة والتسويق، وذلك عبر الإفادة العملية من توسيع الانضواء تحت لواء حلف الأطلسي الحامي الأساس للقارة العجوز أمام متغيرات عالمية تظهر علاماتها القوية من الصين وروسيا، وربّما من قوى إقليمية تحاول الدخول بين اقدام الكبار واللعب بالكرة المتدحرجة، كما في الملف النووي الإيراني المثير للجدل وغير المحسوم حتى اليوم.
في الجانب الآخر، يتضح انكشاف ظهر العرب في ملف الغذاء الذي انفتحت صفحات نقصه على سعتها بعد الحرب. هناك دول عربية لها إمكانات الدخول بقوة بحكم مساحاتها الزراعية وامكاناتها البشرية في ميدان تطوير زراعة الحبوب وما يتصل بها من صناعات الزيوت الغذائية، وهي فرصة لاختبار شعارات الأمن الغذائي العربي التي رفعوها سنوات عديدة من دون ان تدخل حيز المواجهة الحقيقية مع الازمات.
ساد اعتقاد طويل الأمد في انّ الأمن الغذائي للعرب معني بما ينتج عن أزمات محلية منها الجفاف والأوبئة ونقص الموارد وسوى ذلك، من دون التحسب ليوم تكون فيه الامدادات الخارجية المتاحة تقليدياً سابقاً بفعل الموارد المالية معرضة للخطر.
ألم يحن الوقت للعمل على رمي أوراق ورش العمل والمؤتمرات الاقتصادية الرسمية والأكاديمية جانباً، لاسيما انه أغلبها نظري ومستورد لرؤى لا تمت لواقع العرب بصلات مُهمة. والشروع بالتفكير الإجرائي الجدي بتنفيذ خطط الوقاية التي تحتاط لما هو أسوأ من حرب لا تزال محصورة في دولة واحدة من الناحية العملية