قبر مهمل في مكان تعمه الفوضى,هذا هو ما يمكن قوله عن قبر العلامة الكبير علي الوردي.وفي مدن تتصارع فيها ارادات المصالح لن يبقى للقبر حرمة,ولا هيبة,حتى لو كان صاحب القبر احد اشهر مثقفي زمننا,ذلك الرجل الذي شغل الناس,وما زال يشغلهم.
القبر اذن مهدد بالاندثار,اظن ان هذا شيء محتمل فقد اندثر قبر جبرا ابراهيم جبرا,هذا البغدادي الذي فضل ان يموت بيننا وفي مدينته التي احبها بغداد,وفي النهاية تهدم قبر جبرا,وبقيت منه شاهدة مرمية على الارض احزنني جدا رؤيتها ملقاة وسط اعشاب كثيفة جافة.
يبدو ان قبر علي الوردي افضل حالا من قبر جبرا لكنه ليس بمأمن اذ قد نصحو فنكتشف ان خطة اهمال جديدة ستمحو هذا المعلم الانساني المهم.وهذا ما لا يتمناه احد.
تقرير (الشرقية) استطلع اراء بعض الناس في الشارع,وقد ابدى الجميع انزعاجهم من مصير قبره كونه احد اعلام البلد.ولو ان الحكومة تدرك قيمة اراء علي الوردي لصنعت له تمثالا شامخا كتمثال المتنبي او الرصافي,ولعاملت قبره باهتمام اكبر مما نشاهده الان.
يظن البعض ان علي الوردي لم يعد فاعلا كالسابق لان الزمن تجاوزه,ومن يقول مثل هذا الكلام فهو لم يفهم منجز هذا المبدع.وقد يكفي علي الوردي فخرا انه كان رائد التنمية البشرية في الوطن العربي بلا منازع.هذا الجانب لم يثر انتباه احد,كما انه كان ذا نزعة تقدمية جدا حين ربط العقل بالتعصب.وهذا في رايي اعمق ما طرحه هذا المبدع العظيم الذي كان له دور كبير في تنبيهنا الى خطر يحيط بنا بسبب بيئاتنا المحدودة التي نعيش فيها.
قبر الوردي مهمل كما كان مهملا في حياته,وبدل ان يكون علي الوردي رئيسا لمركز ابحاث يختص بعلم الاجتماع طرد الرجل من جنة الحكومات المتعاقبة,ليواجه قبره مصيرا بائسا.لذا انا اشكر (الشرقية) لانها عرضت هذا التقرير وبودي لو عرضت تقريرا اخر عن قبر جبرا.توأم الوردي في الاهمال.