شئ مفرح أن يكون حضور الشباب طاغي داخل المجلس النيابي ، فالشباب هم الفئة الأكبر في الشارع العراقي و أغلب المشاكل التي يعاني منها العراقيون هي مشاكل تخص الشباب كأزمة السكن و البطالة و تعاطي المخدرات و إرتفاع نسبة الانتحار و الطلاق، كل هذه دواعي ملحة تحتم على الشباب الإنخراط بقوة في العمل السياسي لأنهم الفئة المتضررة في الحاضر و بنفس الوقت الشباب هم الفئة التي تؤسس و ترسم صورة المستقبل القادم في العراق.
السادة النواب الشباب الذين شغلوا الرأي العام صباح الاثنين الماضي من خلال نشر مقطع فيديو لهم و هم يحاولون الدخول لمبنى وزارة المالية بنية لقاء وزير المالية، هؤلاء النواب هم في الحقيقة طاقات برلمانية واعدة ممكن ان تؤدي نشاطاً مختلف عن نشاط النواب الآخرين خصوصاً في متابعة القضايا التي تخص الشباب ، و ما ظهر في الفيديو من اندفاع و اصرار هو سلوك شبابي يمثل امتداد للشارع الشاب المحتج، إلا أن القوى السياسية الناشئة من رحم ساحات الاحتجاج و منها حركة إمتداد ، قدمت نفسها كبديل سياسي للقوى التقليدية، لذلك المؤمل من كل نواب قوى البديل السياسي هو أداء مختلف عن أداء القوى التقليدية ، أداء احترافي حضاري يشكل فارقة ملحوظة عند المواطن و المراقب على وجه الخصوص.
نظم ” *قانون مجلس النواب وتشكيلاته رقم (١٣) لسنـة ٢٠١٨* ” عمل النائب و مهامه و صلاحياته ، و تطرق في المادة ٢٧ الفقرة تاسعاً الى زيارات النواب التفقدية بالنص التالي ؛
” *تاسعاً: القيام بزيارات تفقدية الى الوزارات ودوائر الدولة للاطلاع على حسن سير وتطبيق احكام الدستور والقانون والانظمة والتعليمات والقرارات النافذة* ”
النص أعلاه يمنح النائب الحرية في اجراء زيارات الغرض منها التفقد و الاطلاع ، الفقرة اعلاة لم تمنح صفة “الفجائية” لهذه الزيارات “التفقدية”. لذلك و من وجهة نظري ، طالما ان هذه الزيارات الغاية منها التفقد و الإطلاع فقط و القانون لم يمنحها صفة “فجائية” لذلك استوجب وجود تنسيق مسبق مع رئيس المؤسسة لتنظيم تلك الزيارات. و هنا يكون الغرض من الزيارة هو “الاطلاع” فقط كما نصت الفقرة اعلاه و ليس التحقيق او السؤال او الاستجواب، لكون ان كل من المفردات آنفة الذكر لها مسارها القانوني الخاص.
وحتى لا تتكرر هكذا اشكاليات أرى أن هنالك حاجة ملحة لإجراء دورات تثقيفية إلزامية في بداية كل دورة برلمانية، الغاية منها تعريف النائب بمهامه و صلاحياته و تثقيفه بالمسارات القانونية و السياقات الإدارية التي تنظم العمل النيابي، و أرى ايضا ان من المنطقي أن لا يسمح للنواب في أولى دوراتِهم بترديد القسم قبل الخضوع لهكذا دورات ، فليس من المنطق أن يردد نائب ما القسم قبل أن يعرف ماهية العمل النيابي و تفاصيله.