آخرُ إحصائية سنوية لعدد سكان الارض في بداية هذا العام 7.872.150.649 قريباً من الثمانية مليارات بزيادة يومية تصل المئة وخمسة وسبعين الف انسان يومياً ،انهم عدد افراد عائلة الارض.
هذه هي أسرتك اليوم ياصديقي صغار ،كبار،، نساء ،رجال ، فقراء ، اغنياء تشترك معهم في كل شيء ، سواسية في الحقائق في الحتميات ، في الاحلام في اليوميات ، تاكل، تحب، تعمل، تعلمّ، تتعلم ، تكسب، تشتري، تبيع ، تلبس ، تخيط ، تقرأ ، تكتب ، تلهو تمرح، ترقص، تحرث تزرع، تحصد، تُنجب ، تكبر، ولاتتاخر ساعة عن نفسك في هذا العالم ،حتى تنتهي المدة المقررة لوجودك ، وتترك المكان للملايين من البشر القادمة سنويا ليستلموا مهمة ادامة بيت الجميع وتنميته وتطويره بعدك ثم يرحلون بنفس الطريقة .
فكّر قليلا مالذي يدور في بيت العائلة الكبير هذا ، الارض المليئة بذكريات الاقدمين ومشاريع القادمين ؟ .مالذي يجمع هؤلاء ومالذي يفرقهم؟ ، ارسم بنفسك في لحظة خاطفة اخرى خرائط العداء ،وأعلام الدول ، والوان البشر ،وطبائع الاقوام التي تنتشر على الجبال والشواطيء والكهوف وبقايا الزلازل وآثار البراكين .؟
تأمّل تاريخ هذه العائلة العريقة القديمة التي تصارع ديناصورات الزمن ، وبيتها العتيق الذي يصارع غيلان الطبيعة . لتكتشف ببساطة ان اخاك الحقيقي ونسبك الصحيح هو من يتنفس معك اليوم ويشاركك المهام والأوهام معا على هذه البقعة من الوجود. وان جمال هذا البيت هو في اتساعه وتنوعه، بأساطير ماضيه وغموض مستقبله .وان حلاوة هذه العائلة انها ملوّنة منوّعة صاخبة ، ليست قطيعا من الكائنات المتشابهة الخرساء، كل شخص تراه الآن في شارع أو باص أو بصحبتك على طائرة ، او ترى صورته في صحيفة او على شاشة ، هو قريب لك حتى وان لم تتعرف على الشكليات التي تختصان بها ، من إسم ولون وحجم وعادات وأهواء وتفاصيل، وكل بلد تدخله هو غرفة من غرف بيت اهلك واخوتك ، واية منغصات تواجهك انما هي المتاعب المعتادة لهذه السفرة العائلية غير الطويلة التي ستنتهي يوما مئة بالمئة ، ولم يبق منها الا مسافرون جدد ينظفون مكانك ويرمون بقاياك ويقلبّون صورا بالية لك ، او نصيحة يستعينون بها على حياتهم في غيابك. هذا اذا كنت قد تركتَ لهم نصيحة!
بعد ذلك كله كيف تتخيل فردا أو مجموعة من داخل هذه العائلة التي تقضي رحلة آمنة، وتعملُ في كلّ اتجاه لتسهيلِ مهمةِ العيش ، وابتكارِ ما يجعلُ الحياة أجمل واكثر رحمة للعالمين ، يتحولون الى نيران من الافكار الشاذه والاسلحة المفخخة داخل بيت السلام ، يستهدفون ما أنجز من جمال باستخدام ما أنجز من وسائِط، أو يتآمرون ويهجّرون افرادا في هذا البيت من أسرّة نومهم، أو يسلبون موطيء اقدامهم في زاوية من زواياه ، ويغلقون بوجوههم ووجوه ابنائهم أبواب الارض ، يجوّعون اطفال غيرهم كي يطعموا اطفالهم ، ينصرون جماعة ضد جماعة لأسباب تافهة لاعلاقة لها بمهمة الانسان في هذا العالم ، لن اسمي العناوين التي تحكم ذلك الشر كله ، لكن في لحظة خاطفة أخيرة أقول:إنّ الارضَ بيتُ البشر، وإن ّاللهَ هو السلامُ فقط.