لعله القدر أو شيء أكبر من ذلك أو من الإستحالة أن نجد له تفسيراً منطقياً الآن ، لأن ما يحدث على أرض العراق منذ بدء الخليقة وحتى الآن عصي على الفهم والتفسير ، فقد مرت على أرض السواد موجات من البشر والأقوام وشيدت حضارات عريقة لكنها جميعا آلت إلى الخراب ، لترى أية لعنة هذه قد حلت بنا وببلادنا ؟ !
وبعيداً عن التفسيرات الميتافيزيقة والأساطير اللامنطقية يتحمل إنسان هذه الأرض وزر ماحل به ولعل أولهم سيدنا آدم الذي تحمل أثم الخطيئة وأرغمه الله على الهبوط من الجنة إلى أرض العراق ، وهذا هو العراقي الأول حامل الخطيئة الأولى ، ثم جاء ولداه هابيل وقابيل ليسجل أحدهم وببراعة أول جريمة قتل للنوع البشري وربما كان دافعها الجنس ، بينما كان دافع الجريمة الأولى غواية حواء وشهوة الغذاء .
هكذا تناسلت بيننا الخطيئة وأصبحنا نشيد الحضارات الكبيرة ثم تقودنا شهواتنا وخطايانا لتخريب ما عمرناه بأيدينا ، وكأن الرب أراد أن يطبق فينا مقولة : ( ونعذبهم بأيديهم ) ، ولعل في ذلك أشد القسوة وأكثر الإيلام .
وتواصلت هذه المعادلة حتى توج مسيرة الآلام صدام العصر وتحولنا إلى سيوف وحبال ومشانق يقتل أحدنا الآخر ويشنق الأخ أخاه ويغدر الرفيق برفيقه ولم نغادر هذه المعادلة حتى بعد سقوط النظام ، فأي شعب نحن نتقاتل في ظل الدكتاتورية ونقتل في ظل الديمقراطية ؟ !
وأزاء هذه الحقائق التاريخية الدامغة تنكشف حقيقة الإنسان العراقي ، وأقولها ليس سخرية من هذا الشعب لأنني واحد منهم وما يتهمون به أتهم به أيضاً .
هؤلاء القوم لاهم أبناء حضارة ولاهم محترفو بداوة ليس من الريف ولاهم أبناء مدينة ، ولا نعرف حقاً ما يجول في نفوسهم وهم يتأرجحون بين الإيمان والكفر وما زالوا يرددون كما هو عهدهم في كل واقعة مرت في هذه البلاد ، قلوبنا معكم وسيوفنا عليكم وليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيماً ..! وعلى حد قول أحد المتندرين بأن هذه المقولة التي أقترنت بواقعة الطف فأن تفسيرها الحقيقي أن المنادي يتمنى أن يكون شريكا في تلك الواقعة وأنه لا يهدف كما يظن البعض ويوحي الشعار إلى نصرة الحسين بن علي ، وإنما الفوز المقصود أن ينال جائزة أبن زياد بعد أن يحمل رأس الإمام الحسين أو رؤوس البعض من ذويه !
ولا يبالغ أزاء هذه التفسيرات من يدعي أن كل مكان من أرض العراق هو كربلاء وكل يوم يمر علينا هو عاشوراء ، وهكذا ترى كل يوم يتساقط العديد من الشرفاء بدون حساب وتدنس المبادىء ويعلى نجم الفاسدين والساقطين والمجرمين والمختلسين والمنافقين وحاشيتهم من البلداء والأغبياء .
وبعد ظهور نتائج الإنتخابات إنكشف المستور على السياسيين العراقيين من خلال صراعهم على الكراسي والسخط على معارضيهم وناقديهم لصراعهم على السلطة ، حيث أثبتوا للأمة العراقية إنهم قد تطبعوا على الغدر و النفاق والشقاق وأنهم يخضعون مثل العبيد للمكاسب والمناصب ولسان حالهم يردد : ( كن إبن من شئت وأفعل كل ما هو مشين ) تأكيداً لشعارنا العبقري الإنتهازي القائل يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيماً .
[email protected]