– يردد البعض زمن صدام حسين وحكمه بالزمن الجميل.. والحكم النزيه.. وغير الطائفي.. ناسيا ان
ـ زمن الخوف في عهد الدكتاتور صدام الذي أسس اجراءً.. يقع بمنزلة البديهية.. ان يكون منصب المحافظ.. لأي محافظة في وسط.. وجنوب العراق.. ومنطقة الفرات الأوسط: (تكريتياً أو دورياً).. من محافظة تكريت أي محافظة (صلاح الدين)
– بل ان النظام اصدر أمراً رئاسيا العام 1998 يوصي بما أسماه ب (تكرتة الإدارات).. وهذا يعني ان لا يكون هناك مدير عام صعوداً إلا من محافظة صلاح الدين
اما كتابة التاريخ فقط كان حكم صدام هو الحكم الحقيقي.. والنظام العربي والاسلامي الحق.. الذي يوازي الحكم الاسلامي الاول
لكن الحقيقة: كيف يكتب التاريخ ؟ وكيف يكتب تاريخنا ؟.. ومن يكتبه ؟ السير الذاتية الحقيقية للشخصيات.. خاصة المشاركة في حكم بلد كالعراق.. وفي عصر عشناه وقريب.
ـ يقول ابن خلدون: (إن التاريخ فن).. فيما يؤكد العلماء الغربيون: (إن الفن يعني العلم)
ـ ماديو القرن التاسع عشر يقولون: (يوجد علم واحد هو علم التاريخ.. وينقسم إلى تاريخ الطبيعة.. وتاريخ الإنسان)
ـ أما أصحاب الفلسفة ألكونية فيعتبرون (التأريخ كلّ شيء).. فكلّ ما عندنا هو من الأمس.
و”فلسفة التأريخ” كما يقولون: ليس “التأريخ وحده”
ـ بل أحد أهمّ العوامل التي شكّلت فلسفتنا الكونيّة.. لكونها “ختام الفلسفة” في الوجود.. فهي اليوم تمارس لتزييف التاريخ خدمة للأغراض المطلوبة
ـ بينما المعارضون.. قالوا: (إن التاريخ مجرد كذبة).. وينسب الى نابليون بونابرت قوله: (بأن التاريخ هو مجموعة من الأكاذيب التي يجري الاتفاق عليها)
ـ ويعززون آراؤهم بالعديد من الأمثلة التاريخية.. منها: قالوا للإمبراطور نابليون بونابرت: إن الجنرال ……….. اغتيل.. فسأل: ماذا قال؟ قالوا (انه كان يتأوه ألماً.. ومات ولم ينطق كلمة قط).. قال نابليون: سجلوا انه هتف بحياة الإمبراطور ثلاث مرات قبل أن يلفظ أنفاسه).. وهكذا سجل التاريخ بأن الجنرال…… هتف بحياة الإمبراطور ثلاث مرات قبل أن يموت
ـ آخرون قالوا: إن التاريخ يدونه القوي أو المنتصر أو كتبة السلطان
ـ مثال مجسد من محاكمات نورنبيرغ التي أعقبت الحرب العالمية الثانية.. فعندما تمت محاكمة قائد السلاح الجوي الألماني “هيرمان جورينج”
ـ قال له ممثل الادعاء أمام المحكمة
ـ سيلعنكم التاريخ إلى الأبد.. فردً عليه “جورينج” بهدوء
ـ طبعاً لأنكم انتم من سيكتبه.. ولو كنا نحن المنتصرين.. لجعلنا التاريخ يلعنكم إلى الأبد
من يكتب التاريخ.. اذن ؟
ـ على مر العصور كان التاريخ السياسي يكتب من قبل أصحاب السلطة أو المنتصرين
ـ أما التاريخ الاقتصادي والاجتماعي والثقافي فلم يحظً باهتمام هؤلاء.. مع انه لا يعدو أن يكون إلا انعكاساً لسياستهم تلك
ـ ومنذ العصور التاريخية القديمة وصلت إلينا مسلات حجرية وألواح طينية دَونً عليها الحكام والقادة العسكريون انتصاراتهم وانجازاتهم وفتوحاتهم.. لكن لا أحد منهم كتبً شيئاً عن هزائمه وانحداراته
تاريخنا.. كيف كتب؟.. وكيف يكتب؟
ـ لو رجعنا لكتب تاريخنا على سبيل المثال لا الحصر.. لوجدنا العجائب والغرائب والتناقضات.. بل بعض هذه التناقضات مكشوفة ومفضوحة.. ولا يمكننا رفض بعضها.. ونبقي بعضها.
ـ الأنكى من ذلك نجد كتب التاريخ الخاصة بالسلطان فيها تناقضات
ـ مثلما نجد كتب التاريخ الخاصة بالمعارضة فيها تناقض فيما بينها
ـ أما في تاريخنا الحديث والمعاصر فحدث بلا حرج
ـ فعلى سبيل المثال لا الحصر هناك ثماني روايات عن مصرع نوري السعيد (رئيس وزراء العراق في العهد الملكي).. عصر يوم 15 تموز 1958.. جميعها مختلفة فيما بينها.. وكلها تخالف الحقيقة والواقعة.. حتى إن البيان الرسمي الحكومي الذي أعلن من راديو بغداد بعد مصرعه لا يمثل الحقيقة البتة!!
ـ وسبقت هذه الحادثة موت الملك فيصل الأول.. فهل مات بسبب مرضه أم مات مسموماً؟.. لا اجابات محددة حتى الان؟؟
ـ وهل مات الملك غازي بسب اصطدام سيارته ؟.. أم مات بفعل فاعل؟.. لا أحد يستطيع الجزم.
ـ ومثلها أحداث إعدام عبد الكريم قاسم ورفاقه ؟
ـ ولا أحد يستطيع أن يجزم هل إن أحمد حسن البكر مات ميتةً طبيعية.. أم مات مسموماً؟
ـ كذلك مقتل الكثير من القادة في كل العصور.. وحتى الإنجازات وغيرها تجدها متناقضة
ـ أما الرسائل والأطاريح الأكاديمية الخاصة بالتاريخ.. فهناك ما لا يصدقه العقل والمنطق والعلم
ـ فقد يكون المجرم في بعضها ناسكاً.. والعكس صحيح.. بالمقابل هناك رسائل علمية تثبت بواقعية الحقائق التاريخية من لدن مؤرخين أفذاذ
ـ كل ذلك لا يعفي الباحثين والمؤرخين من التدقيق ما بين السطور.. ونأخذ منه الفائدةَ والعِظة
ـ فتاريخنا الإسلامي على سبيل المثال لا الحصر.. حافلٌ وزاخرٌ.. وقد ساهم المسلمون بشكل وافر في الدِّين.. والأدب.. والطِّب.. والعلوم المفيدة الأُخرى
ـ ولنا مِن الكلمات المأثورة.. والقصص المشهورة.. والحِكم المروية ما يُطرب ويُعجب.. وفي السياسة والحرب من الإرشادات.. والتنبُّه.. وضبط الأسرار.. والدقة في التعبير.. والتخلص من المآزق.. بأساليبَ رائعة.. وفطنة نادرة
ـ ومَن يتأمَّل ما جرى على العرب في عصورهم المتأخرة.. يُدرك أن من بين أسباب ضعفهم وهزيمتهم.. إعراضهم عن دراسة تاريخهم.. وعدم أخْذهم العبرة والعِظة منه
تجربتي في كتابة التاريخ:
ـ عندما نشرتُ (أنا.. د. هادي حسن عليوي) رسالتي للماجستير.. (دور حزب البعث في العراق حتى 14 تموز 1958).. فقد نفد من المكتبات 10 آلاف نسخة خلال ثلاثة شهور.. فلم يكن للبعث تاريخ مكتوب أو حتى موثق قبل رسالتي هذه
ـ كذلك لم يكن للحزب الشيوعي العراقي كتب موثقة عن تاريخ هذا الحزب.
ـ فقد وثق كتابي هذا أيضاً (تاريخ ونشاط الحزب الشيوعي العراقي منذ تأسيسه حتى 14 تموز 1958)
ـ بعد مدة قصيرة مُنعً كتابي هذا بأمر من أمانة سر القطر لحزب البعث.. مثبتينً (37 ملاحظة.. بعضها خطيرة).. وكانت دار النشر قد طبعت كتابي هذا الطبعة الثانية في بيروت أيضا بموافقة دائرة الرقابة في وزارة الثقافة والإعلام.. دون أن تعلم الناشر بالمنع
ـ بعد دخول الطبعة الثانية لبغداد تم حجزها من قبل الدار الوطنية للنشر والتوزيع في بغداد
ـ ومن ثم إحراقها بأمر من عبد الجبار محسن (وكيل وزارة الثقافة والإعلام.. اضافة الى انه كان أيضاً مدير عام هذه الدار وكالة)
ـ وأنا متأكد إن عبد الجبار محسن ليس لديه القوة والصلاحية ليأمر بحرق كتاب.. بالتأكيد جاءت أوامر عليا بالحرق أو الإعدام لكتابي
ـ تبين إن الآمر بمنع كتابي هذا.. هو (علي حسن المجيد) الذي كان أمين عام أمانة سر القطر لحزب البعث (آنذاك).. وهو ابن عم صدام حسين!!
ـ بعد أكثر من سنة على حادثة حرق كتابي هذا.. حصل علي حسن المجيد.. على شهادة الماجستير بفكر البعث.. من جامعة البكر للدراسات العسكرية العلـيا.. وتبين أن الفصلين الأولين لرسالته هما نص الفصلين الأولين من كتابي الذي أحرق.. دون أي يصحح حتى الأخطاء المطبعية!!
(ملاحظة هذا المجيد لم يكن حاصلاً على شهادة المتوسطة)
ـ وعندما نشرتُ كتابيً: عبد الكريم قاسم.. بجزئية.. الأول: (عبد الكريم قاسم الحقيقة).. والثاني: (محاولات القضاء على عبد الكريم قاسم) أوائل العام 1990
ـ لم أسلم من الهجوم وشتى الاتهامات.. من بعض من يدعون التأليف.. تحت ذرائع شتى
ـ السبب الحقيقي هو علمية وموضوعية كتابيً عن عبد الكريم قاسم.. هذين الكتابين.. ونفادهما من المكتبات بفترة زمنية قصيرة
ـ وهكذا لم استطع في ذلك الزمان إن اعترض على سرقة مجهودي العلمي من قبل علي حسن المجيد
ـ إن سقوط نظام صدام كشف لنا زيف الحقائق والإحداث التي سوقها النظام آنذاك.. فعلى سبيل المثال
ـ كشفت محاكمات رموز النظام السابق كذب النظام عما روجه وكتبه عن أحداث: (الحرب العراقية ـ الإيرانية.. وقضية الدجيل.. والأنفال)
ـ وتصفية ومطاردة وإعدام رجال الدين من السنة والشيعة.. وعمليات تهجير الكرد الفيلية المنظمة
ـ واحتلال الكويت.. والانتفاضة الشعبانية 1991.. وغيرها مما طرحه بأسلوب رخيص ومزيف
ـ كذلك كتابة رسائل وأطاريح في تلك الفترة.. الكثير منها ليس تزييف الحقائق التاريخية فحسب.. بل هي تافهة.. ويحصل أصحابها على درجة جيد جداً.. أو امتياز.. خشية بعض الأساتذة على أنفسهم من التهديد والخطف والقتل
الحاضر والقادم المجهول
ـ بعد 9 نيسان / أبريل / العام 2003 اوضاع العراق لم تكن في يوم واحد مستقرة.. وحتى الان والى سنين مقبلة قد تصل الى عقدين.. كل ذلك ينعكس على مجمل الحياة والتعليم والعلم والكتابة ايضاً
ـ نحن الان في أخطر مرحلة (2003 ـ 2022) مرت بنا في تزييف تاريخنا.. فالعديد من المسؤولين بعد 2003 كتبوا ويكتبون سيرهم وتاريخهم.. كجزء من تاريخ العراق المعاصر.. يا لها من جريمة بحق تاريخ العراق!!
ـ مثلما صدرت مئات الكتب والدراسات عن عهد الرئيس صدام.. محشوة بأساطير من الكذب.. والتزييف.. وتصوير كل شيء كان جريمة.. من دون ان يوثق تلك الجريمة.. أو العكس يجعل من صدام وحكمه.. حكماً يوازي العصر الاسلامي الاول أو اكثر من ذلك!!
ـ الأخطر.. اننا عندما نكتب الحقيقة كل الحقيقة.. لن يرغب بها لا المسؤولين ولا اصحاب القرار في النظام السابق.. فأية أسس علمية تعتمد.. والدولة والشارع يحكمه اليوم غالبية من جهلة.. ومتخلفين.. وطائفيين.. بل بعضهم قتلة مع سبق الإصرار
ـ كل ذلك لم يوقف المؤرخون الحقيقيون من كتابة التاريخ على حقيقته.. معتمدين على الحقائق الموثقة.. وهذا كان شأني في هذا الكتاب.. لم اكتب كلمة واحدة من عندياتي.. او غير موثقة
ـ فصدر لي كتابي (رجالات العراق الجمهوري من عبد الكريم قاسم الى صدام حسين).. بيروت ـ 2018.
ـ ولم تمض ايام على صدوره حتى كتب صلاح عمر العلي / عضو القيادة القطرية لحزب البعث.. تغريده قال : (إن هادي حسن عليوي زيف تاريخ حزبنا.. وسوف نحيله الى محكمة الثورة.. عندما نعود للحكم).. ونشرتها مواقع التواصل الاجتماعي!!!
ـ الأهم انني لم اعطِ رأياً او تحليلاً.. سواء في كتابي رجالات العراق الجمهوري.. أو كتابي الجديد هذا.. حتى لا أغير من الحقيقة المجردة.. الحقيقة عارية واضحة.. وتركت الآراء والتحليل للقاريْ.. فمهمتي ان أكتب له ما حدث فعلاً.. وسيرة الشخص الذاتية والعملية كما هي.. ب ايجابياتها.. وسلبياتها.. كما هي
ـ وهنا لا بد من القول لما قدمنا.. انني حصلت على معلومات غاية في الاهمية.. من أسر بعض هذه الشخصيات.. واصدقاء ..وشركاء.. واعداء هذه الشخصيات.. مؤكداً انني لم اكتب سطراً واحداً ليس موثقاً.
وهكذا طبقت المقولة العلمية ان: كتابة التاريخ فن.. والفن علم.. والعلم هو الحقيقة.. وليس غيرها.
ـ أقول ذلك.. مع كل تقديري للزميل هاتف الثلج والصديق الدكتور صباح الجنابي.. لما قدموه لي لهذا الكتاب من معلومات موثقة اغنت معظم هذه الشخصيات
ـ تلك كانت نظرة موجزة تعرفنا من خلالها عن نماذج تاريخية زيفت وقائع التاريخ ليظهر لنا الوجه الاخر للتاريخ الوجه الناصع القائم على وقائع واقعية حدثت فعلا في المسارات الزمنية التي تناولها كتابنا
ـ عسى ان نكون قد تمكنا فعلاً من اظهارها بالوجه الحقيقي الذي يطمح اليه الفكر الاخلاقي العراقي ومنظومة القيم في ثقافتنا العربية الاصيلة
ـ الآن وانا اسجل الكلمات الاخيرة لكتابي الجديد: (رجالات صدام ..سيرة حياة 64 قيادي بعثي).. وهو يتناول سيرة حياة 64 شخصية غالبيتها أبناء.. أو أخوة.. وأبناء عم وخال.. وبعض أقرباء الدرجة الثالثة.. للرئيس صدام حسين حاكم العراق الوحيد 1979 ـ 2003.. سبقها مدة (11) سنة هو الرجل الثاني بالدولة رسمياً.. والاول فعليا منذ العام 1975
– انتظروا كتابي الجديد: (رجالات صدام ..سيرة حياة 64 قيادي بعثي).. خلال شهر في المكتبات.. حقائق لأول مرة تنشر حتى في سيرة صدام حسين نفسه