لنبدأ اولا بتحديد او تشخيص القيم والنهج والسلوك التي يمثلها الأمام الحسين ، ثم نقارن بموضوعية بينها و قيم ونهج وسلوك حكّام العراق الشيعة الذين يدعون أنهم احفاد الحسين وأخلص شيعته.
الحسين..ثائر أنساني
للأسف، اننا لم نقدم الحسين الى العالم بمضمونه الانساني بوصفه ثائرا مطالبا بتطبيق قيم الحق والعدالة الاجتماعية والوقوف بشجاعة بوجه الظلم والقهر والاستبداد وحيثما كان هنالك نظام يحتكر السلطة والثروة ويحرم الفقراء من حقهم في ثروات وطنهم ،بل قدمناه بوصفه رجل دين ثار من اجل قيم دينية. ومؤسف أكثر اننا جعلنا هذا الحدث التاريخي محصورا بطائفة،مع ان ثورة الحسين ما كانت طائفية ولا محسوبة لجماعة معينة،بل كان فيها الحجازي والشامي والعراقي واليمني..والمسلم والمسيحي..ويبدو أن السبب في ذلك ما كان عراقيا،بل ايرانيا لأسباب وثقّها التاريخ ويطول شرحها.
و حقيقة واقعة أننا في العراق لدينا حسينان..متضادان في القيم والمباديء والنهج والسلوك. فالأمام الحسين يمثل نهج جده رسول الله بطلب الاصلاح في الامة والوقوف بصلابة المؤمن بالرسالة السمحاء ضد الظلم والاستبداد.
والحسين يحمل قيم ومباديء ابيه الأمام علي وسلوكه التي تجسدت في عهده لمالك الاشتر..في تنبيه سبق به علماء النفس والاجتماع والسياسة بأن القيم التي يحملها الانسان، هي التي تتحكم بسلوكه وتحدد نوعية اهدافه في الحياة : مادية اجتماعية اخلاقية..وهي التي تحدد سلوك الحاكم مع الرعية ،وتحدد موقف الرعية منه.
سناخذ قيمتين فقط من 16تضمنها العهد :
أفضل رعية
الأولى: حدد الأمام علي مواصفات الحاكم ،بالنص:
(تقوى الله وايثار طاعته واتباع ما امر به،اختيار أفضل الرعية للحكم ” اختر للحكم بين الناس افضل رعيتك- مقولة الأمام علي” ،الأستعانة بأهل الخبرة في طلب المشورة،اكرام العلماء ومجالستهم..وانتهاءا بالحلم وسعة الصدر وعدم التسرع في اتخاذ القرارات).
والتساؤل: أي من هذه القيم تبناها من يدعون انهم احفاد الحسين وأخلص شيعته من سكنة الخضراء؟.هل اختاروا افضل الرعية للحكم؟ وهل استعانوا بأهل الخبرة واكرموا العلماء ، ام انهم اختاروا ابناء عوائلهم واقاربهم وان كانوا لا يملكون شهادة ولا خبرة ولا كفاءة..بينها تعيينهم سفراء كثير منهم لا يصلحون موظفين عاديين!؟.وهل اكرموا العلماء ام اضطروهم الى ان يهاجروا لتستفيد منهم دول تقدّر دور العلم والعلماء في تطويربلدانهم؟
والثانية:حدد الأمام علي سلوك الحاكم مع الرعية في 15قيمة،بينها :(العدل والانصاف في التعامل،عمارة الأرض،اعتماد مبدأ التدرج الوظيفي،عدم اشعار الرعية بالمنية،مراقبة دور الحاشية والمتملقين والمنافقين،ستر عيوب الناس،الأصغاء للعامة من الناس،وانتهاءا بالأبتعاد عن الغضب المؤذي والقسوة). والتساؤل ثانية:هل اقتدى حكام الخضراء من الذين يدعون انهم احفاد الحسين واخلص شيعته بهذه القيم، ام انهم كانوا بالضد منها؟. وهل تعاملوا بالعدل والأنصاف مع الرعية ام كانوا طغاة مستبدين؟. و هل عمرّوا الأرض أم جعلوا الوطن خرابا؟ ان واقع حال عهد حكام احزاب الأسلام السياسي (الشيعية تحديدا) هو بالضد من تلك القيم التي تؤكد على قيم العدالة بين الناس في امورهم المعيشية والخدمية،وان لا يفرّق الحاكم بين احد من الرعية على اساس القرابة او الطائفة او العشيرة،ولا يعتبر ما يجبى من زكاة وخراج (ثروة الوطن) ملكا خاصا به..يشتري بها الضمائر والذمم ويسخرّها لمصلحته،وينفقها على ملذاته واشباع رغباته الدنيوية الزائلة،فيما المعروف للجميع أن المسؤولين الذين يدعون (حسينيون) اشتروا البيوت الفارهة في عواصم عربية وعالمية وبنوا فنادق فخمة وهم كانوا معدمين!.يؤكد ذلك ما قاله السيد عادل عبد المهدي (منهم بيهم!) في فضائية الحرة عراق (ان موازانات العراق منذ 2003 بلغت 850 ملبيار دولارا معظمها تبدد بالفساد)..والرقم بالدينار العراقي هو 1062 وامامه 11 صفرا!.والمخجل،ان من حكم العراق ثمان سنوات 2014-2006الشيعي الحسيني، صرح علنا بقوله (لديّ ملفات للفساد لو كشفتها لأنقلب عاليها سافلها)..وما كشفها ، لأنه لو فعل لهدده الخصوم بانهم سيكشفون حيتان حزبه ان كشفهم..وتلك في قيم الحسين وأبيه خيانة أمانة وجريمة لا تغتفر. ومع ذلك يقول للناس بأنه يسير على منهج الحسين، ما اثار سخرية حتى الأجانب. ففي مقالته المنشورة بصحيفة الأندبيندنت بعنوان (كيف تحولت بغداد الى مدينة للفساد) يذكر الكاتب البريطاني (كوكبورن) انه كان في العام 2013 يتمشى بشوارع بغداد (فأحسست بألم وأنا ارى شعارا مكتوبا على لافتات سوداء بساحة الفردوس: “الحسين منهجنا لبناء المواطن والوطن”)!.هذا يعني ان هذا الكاتب الأجنبي ادرك ،من ذاك الوقت!،التناقض الحاد بين قيم الأمام الحسين وبين من تولى السلطة في العراق ويدّعون انهم حسينيون.فحينذاك كانت ميزانية العراق تقارب ترليون دولار..اي ما يصل حاصل جمع ميزانيات العراق خلال ثمانين عاما!،وحينذاك ايضا كانت زخة مطر قد اغرقت بغداد (عاصمة الثقافة العربية حينها!) في مشهد لا ينسى.
وخاتمة مقال هذه الحلقة، مقولة للأمام علي: (اياك والدماء وسفكها بغير حلّها)..فكم من دماء الشباب سفكتم بغير حلّها يا (حسينيو الخضراء)؟!
والمخجل ، ان من حكم العراق ثمان سنوات ويفترض فيه ان يكون ممثلا لكل العراقيين ، حمل سلاحه في تموز 2022 وتوجه مع حمايته باسلحة في وضع الاستعداد لسفك دماء جماهير شيعة اقتحموا مبنى البرلمان العراقي!