أمر ليس بيدك، أن تجد أنك تعيش في مكان لم تكن مختارا لوجودك فيه، وبالتالي فإنك غير معني بالقيام بشيء يجنبك أن تولد في العراق، فتجاوز ذلك الى ما تستطيعه لتجنب ماأنت مقبل عليه في الحياة حيث المعاناة والعذابات والهموم والفساد والنفاق والكذب والأضغان والأحقاد والأمراص النفسية ورفض الآخر والتكبر عليه والشعور بالعلو والرفعة عند فئات إجتماعية، يقابله شعور بالنقص والدونية عند فئات آخرى. عدا عن عشرات المشاكل تتورط فيها رغما عنك، أو برضاك، أو من دون قصد، ولكنه الحظ السيء والعاثر الذي يتنقل معك أين وليت وجهك، ويسقطك في مطبات عجيبة.
أن تنشيء أسرة مشروع يصفه بعض المحظوظين بالفاشل، فهم لم يتورطوا فيه، لكن وفقا لمعايير الدين، وضرورات الخلق مشروع عليك التورط فيه لترضي إيمانك بالغيب إذا كنت مؤمنا، فأنت ملزم بتنفيذ الأجندة السماوية التي تريد أن يستمر تكاثر البشر والحيوانات والحشائش والحشرات، وكل مايدب على الأرض، وماينبغي أن يستمر ليعبر عن إرادة الرب، وهو يفعل مايشاء، وليس لأحد أن يعترض، أو يكون له رأي في أمر قد قرر مسبقا، وإن لم تكن مؤمنا فإفعل مايحلو لك، وماتراه ملبيا لرغباتك، وراحة نفس، وكل نفس بما كسبت رهينة.
عليك وأنت تعيش في العراق أن تتجنب التورط في طموحات عالية فوق طاقتك، وأن لاتوغل في الأمل بحياة جميلة وسعيدة وأنت محاط باللصوص والقتلة والمنافقين والفاسدين والذين حولوا الوطن الى غابة لاقانون يحترم، ولاعدالة ترتجى، ولاضمير يتحرك، ولاشرف له وجود، وعليك أن تترك التفكير في تحقيق أهداف عالية، فليس مكان ذلك هنا في هذا المكان البائس المفعم بالخرافات والأساطير،  وذكريات الحروب والدماء والتعصب والحصارات والإحتلالات، والحكام الذين أشرفهم لاذرة من الشرف لديه، ومجتمع لايعرف مايريد، وهو موغل بالضياع.
الأشياء التي ينبغي تجنبها في العراق عديدة، وأنت لديك مايكفي من الخبرة والتجربة لتعرف ماهي، وتلتزم بالتخلص منها، وتجنب الوقوع فيها، والعيش في ظلها، فظلها ليس بظليل، بل نار تتشظى عن حريق.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *