لقد احتل العراق المرتبة ١٦٣ من بين ١٩٤ دولة في مؤشر مخاطر الرشوة العالمي لسنة ٢٠٢٢ والصادر عن منظمة Traceالدولية ، الرشوة التي تعد احدى افرع واذرع الفساد المالي والاداري والاخلاقي والشرعي والقانوني الذي زعزع ثقة المواطن ببعض مفاصل الدولة ، فاصبح لزاماً على المجتمع والسياسيين ان تكون لهم مواقف جادة لايقاف هذه الظاهرة التي اصبحت للاسف الشديد اشبه بالعرف المتبع والممنهج ، يمكن القول بأنها انتقلت من ظاهرة الى ثقافة وبدات تتحول الى عقيدة ومنهج ، بل فايروس اخذ يفتك بأسس وثوابت الدولة العراقية . لقد اصبحنا اليوم جميعاً مطالبين بأيقاف مهزلة الاستخفاف بالمال العام ، ومساندة الاجهزة الرقابية باجل كبح جماح افة الفساد والهدر اللامسؤول للثروات ، خصوصاً بعد ان اظهر مؤشر مدركات الفساد في العالم بأن العراق حصل على ٢٣ درجة من ١٠٠ ، وفي التسلسل ١٥٧ متقدماً عن عام ٢٠٢٠ بدرجتين.
ضعف الرقابة الغير قادرة على الصراخ بوجه الفاسدين ،وبسبب تحجيم هيئة النزاهة بعد ان الغيت مكاتب المفتشين العموميين ، اصبح هنالك تمدد وتوسع لاحجام كروش السراق والفاسدين ، يدعم ذلك ضعف واضح في تعزيز الانظمة المناعية لجسد الرقابة الاستباقية ، التي حتى وان كانت موجودة فربما بعض الجهات ستسعى لتدجينها ومحاربتها وابقاءها في اجهزة الهدرجة او تحت درجة حرارة الانجماد، وما سرقة القرن البالغة ٢،٥ مليار دولار ، التي ستتبعها ربما سرقات اضافية اذا لم يتم وضع حد لاستهتار الفاسدين ، وهي دليل دامغ على ان هنالك خلل كبير تعاني منه المنظومة الرقابية ، وان تفعيل جميع نشرات الانتربول الحمراء للمجيئ بأول حيتان الفساد وزجه في السجن ، ستكون نقطة تحوّل حقيقية لاعادة الثقة بين الشارع والطبقة السياسية القابضة على السلطة ، ومع القائمين على السلطة التشريعية والتنفيذية، اي بمعنى ان تفعيل النشرات الحمراء التي تقدَّم إلى أجهزة إنفاذ القانون في جميع ارجاء العالم ، من اجل تحديد مكان شخص واعتقاله مؤقتا و تسليمه أو اتخاذ إجراء قانوني مماثل لذلك ،ستكون باكورة عمل لردع الفاسدين على التجرء او المساس بالمال العام .
كلما تقدمت التكنولوجيا كلما قل منسوب الفساد وتم تطويقه وتجفيف منابعه بصورة تدريجية ، فحكومات العالم بدأت تذهب تدريجياً الى جعل التعامل المالي فقط بالارقام من خلال تكنولوجيا العالم الافتراضي ، وليس ملموساً كما يطلق عليه ( الكاش ) ، من اجل قطع الطريق امام التلاعب وتغوّل الفساد بصورة واقعية، كما اعلنت السويد ان في حلول عام ٢٠٣٠ ستكون خالية من السيولة ، بعد ان كانت قيمة السيولة المتداولة عام ٢٠٠٩ هي ١٠٦ مليارات كرون ، لكن لم يتبق منها سوى ٦٠ مليارا، اي ما يعادل ٦.٣ مليارات يورو اليوم لغاية عام ٢٠١٧ .
انتهى /
خارج النص / التحوّل الى مشروع الحكومة الالكترونية وجعل التعامل المالي والتجاري رقمياً سيوقف ابواب الهدر والفساد.