لم‭ ‬يكن‭ ‬عدد‭ ‬الشبابيك‭ ‬المضاءة‭ ‬واضحاً‭ ‬وفقاً‭ ‬للدائرة‭ ‬الضخمة‭ ‬التي‭ ‬تجول‭ ‬فيها‭ ‬عيناي‭ .‬

ربما‭ ‬هي‭ ‬ست‭ ‬نوافذ‭ ‬لغرف‭ ‬نوم‭ ‬وواحدة‭ ‬منهن‭ ‬تشبه‭ ‬رازونة‭ ‬عراقية‭ ‬قديمة‭ .‬

الرازونة‭ ‬مستطيلة‭ ‬بضلع‭ ‬طوله‭ ‬ذراع‭ ‬ومسقفة‭ ‬بمستقيم‭ ‬نائم‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬ساعد‭ .‬

سيدوري‭ ‬لم‭ ‬تشهر‭ ‬صورتها‭ ‬على‭ ‬حائطها‭ ‬الماركوي‭ ‬الأزرق‭ ‬،‭ ‬واكتفت‭ ‬بمنحوتة‭ ‬جنسية‭ ‬صائحة‭ ‬مستلة‭ ‬من‭ ‬أرشيف‭ ‬المطمورات‭ ‬القديمة‭ ‬،‭ ‬ومن‭ ‬تفصيلاتها‭ ‬كان‭ ‬ذهاب‭ ‬السيف‭ ‬إلى‭ ‬غمده‭ ‬الساخن‭ .‬

مرة‭ ‬كتبت‭ ‬لي‭ ‬أنها‭ ‬تراقب‭ ‬صومعتي‭ ‬وتكاد‭ ‬تشم‭ ‬رائحة‭ ‬الغليون‭ ‬خاصتي‭ ‬،‭ ‬وأنني‭ ‬أقف‭ ‬الآن‭ ‬لصق‭ ‬لوحة‭ ‬أنكيدو‭ ‬الصياد‭ ‬المغدور‭ ‬وكأسي‭ ‬مقعرة‭ ‬بوشل‭ ‬من‭ ‬حليب‭ ‬السبع‭ .‬

ستائر‭ ‬الشبابيك‭ ‬الخمسة‭ ‬صامتة‭ ‬وأضواؤها‭ ‬صفراء‭ ‬على‭ ‬قتامة‭ ‬تشبه‭ ‬فانوس‭ ‬كوخ‭ ‬بعيد‭ ‬،‭ ‬أما‭ ‬النافذة‭ ‬السادسة‭ ‬فكان‭ ‬ضياؤها‭ ‬أحمر‭ ‬مكتوماً‭ ‬مثل‭ ‬مغيب‭ ‬يلوح‭ ‬بيده‭ ‬فوق‭ ‬مقبرة‭ .‬

صارت‭ ‬الشيطانة‭ ‬سيدوري‭ ‬الآن‭ ‬مثل‭ ‬بدر‭ ‬تام‭ ‬مغطى‭ ‬بغيوم‭ ‬سود‭ ‬ثقيلة‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬بمقدوره‭ ‬رسم‭ ‬غمزة‭ ‬ممكنة‭ ‬كلما‭ ‬تثاءب‭ ‬الحوت‭ ‬الجبار‭ .‬

كتبت‭ ‬لها‭ ‬غاضباً‭ ‬أنك‭ ‬تنتهكين‭ ‬خصوصيتي‭ ‬وتمنعينني‭ ‬من‭ ‬إتمام‭ ‬القصة‭ ‬،‭ ‬فردت‭ ‬بسرعة‭ ‬تصنيع‭ ‬المعايدات‭ ‬الجاهزة‭ : ‬بل‭ ‬أنت‭ ‬من‭ ‬يكاد‭ ‬يشعل‭ ‬جسدي‭ ‬بأنفاسك‭ ‬الجهنم‭ ‬التي‭ ‬تلفحني‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أنها‭ ‬نعمة‭ ‬إلهية‭ ‬غير‭ ‬مكتملة‭ .‬

على‭ ‬باب‭ ‬الجزء‭ ‬المتأخر‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التدويخة‭ ‬اللذيذة‭ ‬،‭ ‬أكاد‭ ‬أجزم‭ ‬بأن‭ ‬سيدوري‭ ‬المبجلة‭ ‬هي‭ ‬صاحبة‭ ‬الغرفة‭ ‬الحمراء‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬نامت‭ ‬النوافذ‭ ‬الخمس‭ ‬وأذن‭ ‬الديك‭ ‬بميعاده‭ .‬

بيني‭ ‬وبين‭ ‬نافذتها‭ ‬مسافة‭ ‬سعال‭ ‬مكبوت‭ . ‬كتبت‭ ‬لي‭ ‬بعد‭ ‬قطيعة‭ ‬دامت‭ ‬ساعة‭ ‬أن‭ ‬عليَّ‭ ‬أن‭ ‬أرتدي‭ ‬لباساً‭ ‬ثقيلاً‭ ‬وأن‭ ‬لا‭ ‬أخرج‭ ‬رأسي‭ ‬وأضعه‭ ‬منهبة‭ ‬للبرد‭ ‬العظيم‭ .‬

قالت‭ ‬إن‭ ‬عود‭ ‬الثقاب‭ ‬قد‭ ‬سقط‭ ‬تحت‭ ‬كرسيك‭ ‬الأعرج‭ ‬،‭ ‬وكأسك‭ ‬مزروعة‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬المائدة‭ ‬وقد‭ ‬تسقط‭ ‬وتتشظى‭ ‬فتلملمها‭ ‬فتجرح‭ ‬ابهامك‭ ‬والسبابة‭ ‬والوسطى‭ ‬‭.‬إنطفأ‭ ‬الضوء‭ ‬الأحمر‭ ‬الشهي‭ ‬الآن‭ ‬وصار‭ ‬المنظر‭ ‬مثل‭ ‬يوم‭ ‬أخير‭ ‬من‭ ‬بقايا‭ ‬خيمة‭ ‬عزاء‭ .‬

السرير‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬دافئاً‭ ‬،‭ ‬واللوحة‭ ‬المصلوبة‭ ‬على‭ ‬جداري‭ ‬تمسد‭ ‬شعري‭ ‬وتصنع‭ ‬تنويمة‭ ‬مذهلة‭ :‬

دللّول‭ ‬يلولد‭ ‬يبني‭ ‬دللول

عدوك‭ ‬عليل‭ ‬وساكن‭ ‬الچول

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *