هل يُغني الحذر عن القدر ؟ سؤال راودني كثيرا ، واكيد راود غيري ، وشخصيا ، لم اجد جوابا شافيا لهذا التساؤل ، ففي حياتي الكثير من صور الحذر ، وامامها الكثير جدا من صفحات القدر ، ووجدتُ صراعا خفيا وحوارا مستترا بينهما .. مرة يكون الحذر منتصرا ، ومرات كثيرة يعلن القدر انتصاره بالضربة القاضية ..
اعرفُ ان بلسم الجراح هو الإيمان بالقدر ، لكني اجد بالحذر ضرورة حياتية ، كي يتعلم المرء العِبرة من العَثرة . ان الأقدار تُزرع وحصادها بأمر الله سبحانه ؟ وهي تَمشي بنا في درب الحياة دون ارادتنا , ولا ندرك إذا كنَا سنصل إلى نهاية الطريق, أم لا ، وبالأقدار ننتظر مسافرا, ولكنه لن يعود ، ويأْتينا غائب ما كنّا نرتجي أن يعود .. وبمقابل ذلك ، يمكن للحذر ان يغيننا عن الكثير من اشواك الحياة . فالشجاعة بلا حذر .. حصان اعمى ، او كما يقول المثل الهندي ( قس مساحة المكان الذي تقف فيه لكن لا تخطو أي خطوة إلا بحذر) .
المطلوب منا ، وقفة جلّية مع أنفسنا لاسترجاع كل اختياراتنا ، وخياراتنا السابقة ، والمواقف التي مررنا بها ، لاسيما التي لم ننجح فيها ، وكانت بعيدة عن الطموح الذي تمنيناه ، فأقدار الماضي هي الظلام الوحيد الذي نسير فيه ، ولكن ليس بهدف الندم على ما فات، بل كي نتعلم ، ونطوي صفحات الماضي بالتصالح مع ذواتنا ، وبالتفكير بضرورة الحذر ، فعلى قدر حذرك غير المبالغ فيه تتسع لك الأرض بعطائها ، وطيب ثمارها ، فليس من المنطق ان نبيع الماضي لنشتري الغد، او نترك الغد ليد القدر ونحتفظ بالماضي الذي نملكه .. اظن ان الحذر المتكئ على الايمان والعقل الواعي ، هو السد الذي يمنع الطوفان .
انني اتوجس خيفة من الاقدار التي تزلزل الحياة ، فهي لا تغلق دفتر حساباتها مع البشر أبداً ، وفي كل يوم ، يكون دعائي ان يخفف عنا الرحمن اقدار الكدر، فكم عجيبةٌ هي الأقدارُ، وكم تسري سفينةُ حياتنا في بحارها إلى حيث لا ندري ..إنها امتحان الحياة .
————————————-

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *