يُقال في علم الهندسة؛ إن أقصر مسافة بين نقطتين هو الخط المستقيم، لكن السير الى مسافات طويلة ،سيما الدول البعيدة، فإن أقصر الطرق هو المقوس، لأن الأرض غير مسطحة، هكذا الهندسة، كما هي السياسة، تحتاج سيرًا بخط مستقيم وخط مقوس ، لاختصار المسافات وتجاوز العراقيل.
دأبت حكومة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، في برنامجها الحكومي على فقرات مهمة وأولويات أهم، حددت ملفاتها وأدواتها، منها ما تتعلق بالداخل، وتماشياً مع تسمية “حكومة الخدمة”، وما يتعلق بالخارج بتحرك أسمته “الدبلوماسية المنتجة”.
انطلقت الحكومة العراقية نحو الخارج باتجاه دول إقليمية، تلتها زيارات دولية لألمانيا وفرنسا مع دبلوماسية متعددة تنطلق من الداخل باتجاه الخارج، مثلما سبقتها بانطلاق داخلي نحو سلم أولويات، وجاء التحرك الخارجي لإكمال ما سعت إليه الحكومة في تحقيق برنامجها، وبما أن المصالح المشتركة بين الدول هي أساس لإقامة العلاقات الدولية، ومثلما لهذه الدول حاجة للطاقة المتعلقة بالوقود في ظل الأزمات الدولية، فإن العراق أحوج للطاقة المُنتجة، ومن خلال صناعات هذه الدول، مع ما موجود في العراق من ثروات طبيعية وطاقة شمسية، فإن الدول تتطلع لاستثمار الغاز العراقي، والعراق يريد الاستفادة من الغاز واستثمار الغاز المصاحب المحروق، وهذه الدول تتطلع الى فائض العراق من الحاجة المحلية، وتعويض الاستهلاك المحلي من الوقود الذي يصل الى 700 ألف برميل يومياً لإنتاج الطاقة.
إن تحديد ملف الطاقة في العلاقة الدولية، يأتي من حاجة العراق للطاقة، والاستفادة من تعدد مصادرها، لإضافة موارد جديد للخزينة العراقية؛ وحاجة هذه الدول للبترول نتيجة الأزمات الدولية. ونظراً للإهتمام الدولي بالعلاقة مع العراق، فقد وقعت فرنسا اتفاقاً من 4 فصول و 6 أبواب و 50 مادة و 64 فقرة ونقطة، وبسابقة لأول مرة يوقع رئيس فرنسي اتفاقاً في قصر الأليزيه، ويقارب ذلك مع الجانب الألماني في ملفات تتعلق بالبنى التحتية والخدمات وتبادل الخبرات وصولاً الى التعاون المشترك في مكافحة الفساد، وملاحقة واسترداد الأموال العراقية المهربة، وبسياسة اتبعها العراق في توازن العلاقة مع الدول ويد بيضاء مفتوحة ودبلوماسية منتجة.
أعدت الحكومة العراقية أرضية مناسبة لنجاح الاتفاقات وسرعة تنفيذها، بتوفير الأموال اللازمة لطبيعة الاتفاق، وتجاوز الروتين والبيروقراطية وشبهات الفساد، بالاتفاق المباشر وانبثاق لجان مشتركة مع تلك الدول في تنفيذ ما مطلوب، وتماشياً مع البرنامج الحكومي الذي حدد سقوفًا زمنيةً، فإن تنفيذ هذه الاتفاقات سيكون ضمن السقوف التي حددتها الحكومة العراقية لتنفيذ أولوياتها، وبذلك ستكون الدبلوماسية منتجة، وتتجه للإنتاج أكثر من الاستهلاك، واعتماد الشركات الرصينة، لأن التعامل مع الشركات والمنتجات الدنيا يؤدي الى استهلاك الموارد وتراجع الاقتصاد، وبذلك سارت الحكومة بخطوط مستقيمة لأقرب الأهداف، وخطوط منحنية تجاه مسافات بعيدة، وتجاوز عراقيل تقف في طريق الاصلاح.