يقول الأستاذ ماثيو «أن نظرية المؤامرة عبارة عن “ظاهرة شائعة وشعبية، فالإيمان بنظريات المؤامرة هي ظاهرة مهمة لفهم السياسة العربية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا …» وهي من السمات السائدة عند العرب حيث تتجلى بوضوح في ثقافتهم وسياستهم .
وبالنسبة لهم ؛ فنظريات المؤامرة تتحدث بشكل كبير عن الاستعمار الصهيوني ، القوى الخارقة ، الحرب على الإرهاب والتي يعتبرها الكثير حربا ضد الإسلام في المقام الأول.
ويقول الكاتب والمحلل روجر كوهين «أن نظريات المؤامرة في العالم العربي هي ملجأ الضعفاء في نهاية المطاف.»
أما آل مومن فقد أشار لخطورة مثل هذه النظريات قائلا: «نظرية المؤامرة لا تُبعدنا عن الحقيقة فقط بل تُبعدنا من مواجهة أخطائنا ومشاكلنا …»
ان التبريرات والتفسيرات للأحداث السياسية والاقتصادية التي تشهدها منطقتنا العربية والعالم الإسلامي كلها تتسم بحصرها لجميع المشاكل التي نعيشها في ذلك الوحش الخفي الذي يصنع المعجزات ويتحكم في قرارات الحكومات ويحرك الجيوش ويصنع الجماعات المتطرفة ولا يتوقف عن استهدافنا، وعندما تناقش الشخص المؤمن بنظرية المؤامرة وعقيدة الأيادي الخفية تجده يميل إلى حصر مصادر حديثه في مصدر واحد أوحد، فكل وسائل الإعلام التي لا تتبع تفكيره ما هي إلا أحد رماح المؤامرة، وكل الكتب والمفكرين والعلماء والمنظمات والدول ما هم الا جنود لهذه المؤامرة.
نظرية المؤامرة هي أحد أسباب الموت البطيء للأمم والشعوب والتي تبدأ من دعوة إلى الركون عن التغيير وتنتهي بتفسير كل ما هو غير مألوف على أنه من صنع المؤامرة فلا يوجد أي ذكاء سياسي ولا تخطيط استراتيجي ولا تطور تقني ولا حتى مشاريع مستقلة ذات أهداف مستقلة انما هو هزيمة نفسية وكل ما يدور في منطقتنا يصنف على أنه من صالح العدو الخفي الذي يترصد بنا مع إهمال كل مسببات الأحداث أو الجذور التاريخية للمشاكل والابتعاد عن الحلول.
وقد عشعش هذا التفكير في عقول الحكام العرب فكلما نهض الشعب للمطالبة بحقوقه المشروعة غردوا لنا السلاطين بهذه النظرية حتى يتم تشويه تلك التظاهرات باعتبار ان هناك مؤامرة تحاك وان المندسين جزء منها وتبدا مرحلة العقاب للمتظاهرين بحجة انها مؤامرة تهدد امن البلاد والعباد وكلما فشلوا في تحقيق خطوات ايجابية لصالح الامة علقوا اسباب الفشل والتدهور والتراجع الى هذا الوهم حتى اصبحت المظاهرة فصل من نظرية المؤامرة.