الوضوح على مايبدو سمة من سمات عمل الحكومة الحالية، والسيد السوداني يعمل بهدوء، لكنه هدوء حازم وواثق، مغادرا حالة عدم الجدية في مراحل سابقة كانت الحكومات منشغلة فيها بفوضى الأمن والسياسة والخلافات الداخلية والتدخلات الخارجية التي أربكت المشهد السياسي، وهذه الحكومة تحتاج الى من يعاضدها من المثقفين والكتاب الذين يجدون إنها مرحلة تحول كبرى، ونضج يطبع الحالة الوطنية التي إستنزفتها إرهاصات السنوات الصعبة والقاسية التي كانت سببا في تعطيل مشاريع عدة إستراتيجية، في هذا المشهد إستلمت الحكومة الحالية بلدا يشبه رجلا إعترته علل شتى، وهناك جهد كبير، ووقت حتى نتم عملية إعادته الى وضعه الطبيعي، حيث الثقة حاضرة تماما، والموارد متاحة بشكل ممتاز.
وزير النقل الشاب السيد رزاق السعداوي قبل التحدي، ولم يتردد في طرح المزيد من الأفكار، وكان صريحا في تناول قضايا عدة تتعلق بعمل الوزارة والإتفاقيات الدولية التي تصب في صالح العراق، وكان جليا حجم التفاهمات مع وزارات وهيئات دولية فتحت أبوابا أخرى للعراق، ولعل إعادة فتح الخطوط الجوية مع عديد بلدان العالم مؤشر على النجاح والثقة المتبادلة، الوزير نجح في عقد مؤتمر دولي هو الأول من نوعه على مستوى الجدية، وليس الحضور. فقد سبق لزعماء دول ووزراء ومسؤولين ورؤساء برلمانات أن جاءوا الى بغداد، وكان الأمل كبيرا في تحقيق منجز ما في بلد يعاني وينزف، لكن غياب الجدية كان واضحا… كانوا كمن يخطط طريقا، لكنه يعجز عن رصفه بالحصى، وتعبيده بالأسفلت وتزيينه، في حين بدا مؤتمر طريق التنمية الأخير إيذانا ببدء مرحلة جديدة واعدة متحدية، ولقي قبولا أكده الحضور المميز لمسؤولين كبار في دول جوار العراق، وحظي بإهتمام دولي غير مسبوق، وشغل وسائل الإعلام التي أخذت تنشر تقارير وكتابات مهمة تحليلية عن الطريق، وأثره في الإقتصاد العراقي، وإقتصاد دول المنطقة والعالم التي تتحفز لعهد جديد، ونظام عالمي متعدد الأقطاب لايلتفت الى الماضي، بل هو طريق الى المستقبل الذي يحفل بالطموح والتحديات الجدية، وهي شراكة عالمية لاينبغي أن نقابلها بأفكار وطروحات محبطة تناغم إنفعالات وجدانية، في حين إن الحاجة ماسة اليوم لتحفيز كل جهد وطني في هذا الإتجاه.
وإذن ينبغي دعم جهد الدولة، وعلى صعد شتى في الإقتصاد والأمن والخدمات والعلاقات الخارجية والإستثمارات، وتجاوز حالة الإنفعال الوجداني التي تتحول أحيانا الى عنصر معارض لكل طموح بسبب تراكمات نفسية، أو سياسية، او مواقف ناجمة عن إنتماء، أو تصور مغاير لمايتطلبه الواقع، والضرورات الوطنية، فوزارة النقل العراقية تجتهد مثل وزارات عدة في الحكومة لتوسيع نطاق عملها، والتعاقد مع شركات عالمية كبرى لتنفيذ مشاريع طال إنتظارها، ويحتاجها العراق لتلبية متطلبات تزايد أعداد السكان، ومن اجل الإلتحاق بركب الدول المتقدمة التي أبدت إستعدادا لنقل تجاربها وخبراتها، وتمكين الحكومة العراقية من إنجاز برامجها في قطاعات البنى التحتية والمشاريع الإستراتيجية وماعلينا إلا أن نتسلح بالأمل والجدية في العمل لنصنع بلدا نفخر به ويفخر بنا.