على جانبي الطريق كانت الحافلات تقف تواليا لوضع الحقائب وصعود المسافرين إليها في وقت متأخر من الليل، ويبدو إن سبب ذلك يعود لإجراءات تنظيمية فأعداد السياح كبيرة تتوجه الى مناطق عدة من إقليم كردستان ماأن يحل الصيف حيث تستقبل المواقع السياحية هناك ملايين المصطافين من محافظات العراق المختلفة ومن العاصمة بغداد تحديدا التي تشهد رواجا كبيرا لدعايات السفر والسياحة ونموا في عمل الشركات السياحية التي توفر عروضا مختلفة للسفر الى مناطق مختلفة من العالم بينما تحظى الدعاية والعروض الخاصة بالإصطياف في مدن كردستان بأهمية بالغة مع وجود بنية تحتية سياحية مهمة في الإقليم ومناطق جاذبة خاصة مناطق الشلالات والبحيرات والتضاريس الجبلية والغابات والمنتجعات والفنادق والمطاعم والقاعات الكبرى التي تجتذب السياح وكذلك التنوع في مدن الألعاب والترفيه والأسواق التراثية والمولات الحديثة التي تعرض مختلف المنتجات العالمية لشركات تتوافد على الإقليم مع توفر فرص إستثمارية كبيرة وثقة تبديها المؤسسات الدولية وتسهيلات قانونية وضريبية وفرتها أربيل لمن يرغب في العمل والإستثمار والتجارة خاصة وإن السياحة في الإقليم تستقطب مواطني الدول العربية والخليج وأوربا.
الطبيعة الخلابة والتضاريس الساحرة في مناطق من العالم عوامل جذب مهمة للسياح لكن ذلك لوحده غير كاف مالم تتوفر البنية التحتية الأساسية من فنادق ومطاعم وطرق ومستشفيات ومنتجعات وتسهيلات قانونية وهذا ماعملت عليه سلطات الإقليم خلال العشرين سنة الماضية التي لم تكن تحتكم على تلك البنية الأساسية وقد عملت على توفير ضمانات بنية قانونة وعمرانية ترتبط بالطرق السريعة والحولية والمطارات وهناك تشابه في التضاريس والجغرافيا الجاذبة للسياح لكن طريقة التعامل القانوني والتسهيلات والبنى التحتية عوامل مهمة تساعد في تفوق بلد على آخر وتميزه عنه فساحل البحر المتوسط يمتد من تركيا مرورا بسوريا ولبنان وفلسطين ومصر وليبيا وتونس والجزاير والمغرب يقابله ساحل طويل يمتد من اليونان ويتصل بقبرص ومالطا وعلى ساحله الغربي فرنسا وإيطاليا وإسبانيا ومناطق أخرى مهمة لكن عوامل الجذب مختلفة وطريقة الإهتمام كذلك ومايتوفر من بنى تحتية وإهتمام حكومي، وهذا ماينسحب على دول عدة فالإهتمام بقطاع السياحة في تركيا واليونان وفرنسا وقبرص أكثر منه في بلدان الساحل الشرقي للمتوسط، وهو الأمر الذي ينسحب أيضا على السياحة الداخلية في البلد الواحد والجغرافيا المتصلة وهناك مواقع سياحية مهمة في العراق سواء كانت متصلة بالمقدسات الدينية أو بالمواقع الأثرية وهي تستقطب المؤمنين والمهتمين بالتراث والآثار غير إن هولاء يمارسون طقوسهم الدينية في مناسبات محدودة بينما عوامل الجذب السياحي فمستمرة على مدار العام.
للصيف حضوره الخاص وتتحول أربيل الى عاصمة للعراق وليس لكردستان فقط حيث يتوافد الملايين من العراقيين خلال أشهر السنة للسياحة والعمل والدراسة والعلاج والإقامة أيضا لإعتبارات مرتبطة بالسياسة والأمن والقوانين والتسهيلات الخاصة بالإقامة والعيش مع عروض كبرى لشراء الشقق والبيوت والفلل الفارهة، ويشتكي بعض المواطنين من الوافدين الى محافظات الإقليم من إجراءات أمنية وإنتظار عند نقاط تفتيش لكن سلطات الإقليم تدفع بإتجاه توضيح الأسباب التي تجعل من تلك الإجراءات ضرورية لإعتبارات أمنية مع إستمرار التهديدات من جماعات العنف المنظم والمتطرفين ومروجي المخدرات والسلاح والممنوعات وحتى مرتكبي الجرائم وهي طريقة مهمة لحماية السياح والوافدين وليس المواطنين العاديين والمقيمين في الإقليم وحسب وهو عمل كبير ومتوازن تطلب سنوات من الجهد والتواصل حيث يمكن القول إن الفترة المقبلة ستشهد حضورا مهما لشركات ودول تجد في كردستان كما في بقية العراق بيئة إستثمارية واعدة يمكن أن توفر مساحة من العمل والوجود والتأثير لتتحول المنطقة الى نوع من التعاون الجاد والمختلف لتطوير قطاعات عدة تعود بنتائج مبهرة ونجاحات ونهضة عمرانية وإقتصادية على العراق وعموم بلدان الشرق الأوسط الذي سيكون قبلة العالم المقبلة.