بتأمل سريع في تداعيات عبث الانسان بالبيئة والطبيعة، ستجد في قبالها ان هناك انقلابا مباغتا من الطبيعة على البشر كانحسار المياه وارتفاع درجات الحرارة وحلول الجفاف وموت الاشجار ونفوق الحيوانات والتطرف المناخي والزلازل والكوارث البيئية الطبيعية الاخرى.
فما ان يعبث الانسان بشيء في الطبيعة يراه تافها لا قيمة له الا وقد عكس تفاهة ذاته وافتقاره للمعرفة والتفكير العميق وتقدير الامور بعين الحكمة والتدبر .
وما فعله الرئيس الصيني الاسبق بالصين عندما تّدخل بطريقة عبثية غير مدروسة بالمسارات الطبيعة خير دليل على انحسار تفكير الانسان في افق ضيقة.
فعندما قرر الزعيم الصيني (ماو تسي تسونغ) عام 1958 إعلان الحرب على العصافير والجرذان والذباب والبعوض في صورة حملة للنظافة العامة والتي سميت ب”حملة الآفات الأربع”، وعرفت هذه الحملة كافشل حملة بشرية في التعامل مع الطبيعة، اذ نجم عن هذا الفعل العبثي حدوث مجاعة كبيرة في الصين امتدت بين الاعوام (1958 إلى 1962) واودت بحياة نحو ١٥ مليون مواطن .
القبيح في الامر ان العلماء التابعين للسلطة الصينية والسائرون وفق ما تشتهيه السلطة برّروا ضرورة الحملة على اساس تقديرات واهية، عندما قدروا أن عصفورا واحدا يتناول ما يقارب 4 كيلو غرام من الحبوب سنويًا، فيصبح بديهيا العمل على قتله، لانه كلما مات عصفور واحد توفر للصينيين 4 كيلو جرامات من الحبوب كل عام، وإذا قتلوا 250 عصفور فهذا 1000 كيلوجرام إضافي من الحبوب كل عام، الا انهم بعد ذلك وقعوا في فخ الخراب!!.
حتى ان السياسي الصيني (ليو شاوتشي) تحدث رسميًا بالقول: صحيح أن الكوارث الطبيعية اسهمت في حدوث المجاعة بنسبة 30%، الا ان السياسات التي صنعها الإنسان اسهمت بحوالي 70% من الكارثة!!
حتى ان التقديرات غير الرسمية لم تتمكن من احصاء عدد القتلى، الا ان باحثين آخرين حصروا عدد ضحايا المجاعة بشكل عام ما بين 20 و43 مليون شخصًا.
العبرة انه كلما امتدت يد الانسان للعبث بالطبيعة والعبث بالتنوع الاحيائي فإن الطبيعة ستنتقم منه لا محال، ضمن ارادة سماوية مرتبطة بمفهوم إعادة التوازن الطبيعي، وان اي عبث يحصل في الطبيعة سينعكس سلبا على الانسان.
وكما يقول الله تعالى في القران الكريم (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس).
خارج الصندوق :
يا ترى اذا كان حرمان العصافير مما قدره الله لها من اقوات، وقتلها اودت الى هذه الكارثة والمجاعة البشرية، فماذا سيحل ببلاد يموت او يقتل فيها ابرياء بسبب الفقر والعوز او القهر والحرمان؟
فما شكل الانتقام وما نوع التوازن الطبيعي الذي سيحل عليها كغضب سماوي انتقاما من المنتفعين ظلما وجورا ؟.