في الدول المتحضرة نسمع بمجالس الحكم المحلية التي تبدا من اصغر قرية ومدينة … حتى تصل الى ذروة الحكم الميداني والمنشئاتي لاكبر المدن العالمية .. فنجد هناك مجلس محلي حاكم بصلاحيات تنظيمية وتطويرية وإدارية … نافذة وواسعة وقادرة على تتبع كل مفيد للمدينة ويستند للقانون .. بعيدا عن التحزبات والمحاصصات والتقسيمات السياسية .. حتى يصبح الإنجاز الفعلي الخدمي الظاهر للعيان والماس لمصالح العامة هو المعيار الحقيقي والفاعل الوحيد للتقييم والذي على أساسه ووفقه تعطى الأصوات في الانتخابات .
في العراق وبعد 2003 ظهرت لدينا المجالس المحلية وانتخاباتها التي اتسمت بنقطتين أساسية : –
الأولى :- تعلقت بالبعد الانتخابي وما يتعلق به من صراع على الفوز بالمقاعد لتقوية الأحزاب والكتل … وغير ذلك من مسميات استغلت الشارع لتمرير مرشحيها بطرق شتى وعناوين مختلفة .. بمعنى ان الانتخابات هدف للسيطرة والتغلغل الحزبي قبل أي معنى اخر مما يطبق على المجالس المحلية .
الثانية : – ان صلاحيات المجلس واعضائه سيما في المدن والقرى محدودة جدا وبقت محدود حتى تم حلهم .. ولم ير لهم منجزات على ارض الواقع الا ما كان الناس تطلقه على سبيل التندر والسخرية : ( ان واجبات المجلس حددت بإعطاء كتاب تاييد سكن بسعر خمسمائة دينار فقط وهذا هو الدور الذي كان يؤديه المختار ايام زمان وحاليا ) .. وذلك لا يتوازي مع طبيعة ودعاية الانتخابات وما يصرف عليها وما ينتظر منها فضلا عن الرواتب والتكاليف الضخمة التي تنخر ميزانية الدولة فضلا عن المركزية التي يتمتع بها الفائزون مع عمقهم الحزبي والكتلوي يجعلهم سلطة جديدة على رقاب الناس ..
قراءة : –
كلامنا هذا لا يعني التشاؤم ولا يقلل من حجم الخدمات التي قدمها بعض الأعضاء وبعض المراكز المحلية سيما أيام الإرهاب والطائفية حيث كان لهم دورا كبيرا ومشهودا ويشكروا وياجروا عليه سيما بتهدئة الأوضاع ومساعدة الناس وتنظيم بعض الأمور ..
ذلك يدفعنا للبحث عن اليات افضل ومنهجية فكرية ارقى لعمل المجالس وان يكون الفائزين فعلا أدوات لعمل الفارق الخدمي والاجتماعي للمدن التي يحكمونها وما يجب ان يكونوا عليه كسلطة عليا في مدينتهم – ليس للابتزاز والكسب الخاص والهيمنة الحزبية – بل لخدمة الناس وتطوير البيئة والمجتمع … وهذه محاور مقدسة لا يمكن تدنيسها بشهوات البعض فضلا عن خطل وخطء الأفكار والتوجيهات والمرجعيات الضيقة والخاصة التي تدفعهم باتجاه معاكس للامة ..
والله ولي والتوفيق وهو من وراء القصد