في 15 اب 2023 صدر تصنيف شنغهاي العالمي للجامعات ،الذي يعتمد معايير دقيقة في تصنيف الجامعات على اساس مدخلاتها ومخرجاتها ،اي ما تنتجه من نوع يشري متقدم علمياً ومهنياً وفي بُعدٍ اخر نفسياً وسلوكياً تربوياً فضلاً عن الكم الهائل النوعي للبحوث العلمية الرصينة التي تعتمد احدث النظريات وتواكب التطور وتحدث ثورة في المجالات كافة لاسيما التقنية ذات المنافع الاقتصادية التي جنت منها الدول ارباحاً هائلةً وكبيرةً وساعدت بتقدم البشرية ونقلت الحضارة نقلات سريعة بقفزات نوعية ذللت الصعاب وانشأت الصروح ووصلت الى أبعد الكواكب ،كل ذلك بفعل دقة العمل وجودته ومتابعة الطروحات والنظريات الحديثة بعيداً عن التزويق والتلميع والدعايات الكاذبة والاعلام المبالغ، فقد اعتمدت اسس الجودة ووضعت تفصيلات دقيقة استهدفت تقدم الحضارة وما في جوفها من مدنية ناهضة من عمران ومدن عصرية ذكية وتطوير قطاعات كبيرة ومهمة مثل الموانئ والمصانع والمنشآت العملاقة وهكذا تقدم الاقتصاد بدعم من الجامعات لتنعم البشرية باستقرار معرفي اوجد حلولاً لأعقد المسائل وادقها لاسيما في مجال الطب، وعند هذه الحدود يكون مغزى كلامي فقد بدات الجامعات العراقية بتبني مبادئ الجودة عندما اخذت تجمع شتات امرها بعد مدة من الانقطاع الحضاري والعلمي والثقافي مع العالم على إثر الحصار الاقتصادي الذي ارجع بلدنا الى قرون من التخلف، وحينما قرر المسؤولون الاخذ بمستلزمات الجودة العالمية ومتطلباتها بدا العمل متخبطاً ,ثم تفادوا نوعاً من الاخطاء مع الإفادة من ملاحظات الخبراء الدوليين والبعثات العديدة التي ذهبت تبحث عن الطرائق السليمة والعلمية للجودة ،والتي من خلالها تنهض جامعاتنا وتتطور لتتطور مخرجاتها وعلى الرغم من الاخفاقات العديدة ،الا ان تقدماً ملموساً وبسيطاً حدث، ولان ظروف العراق السياسية والازمات العديدة التي مر بها البلد قد أسهمت بتعطيل مشروع النهوض في الواقع الجامعي ،فقد احتجنا بين الحين والاخر الى إعادة تنظيم لكنها لم تفلح الى الان في إدخال جامعاتنا الى التصنيف العالمي وظلت قيادات وزارة التعليم والجامعات تلح على العمل بمتطلبات الجودة من دون فائدة تُذكر ،واصبح التركيز منصباً على التصنيفات الالكترونية وكيفية رفع تصنيفنا الكترونياً من خلال النشر في المجلات العالمية ذات التصنيف البارز وعلى رأسها موقع (سكوبس ) وراح التدريسيون ينشرون وينشرون من دون اي فائدة وتراجعت حالة العلم ومتبنياته البحثية ومخرجات الجامعات التي اصبحت كماً وليس نوعاً، فقد اختفت الحلول العلمية التي تنتشل الواقع وتغيره، واعتقد ان الجودة في جامعاتنا انهارت.
وعاء بدائي
بسبب ان الوعاء المحتضن لها مازال بدائياً للغاية فلم تستطع إيجاد مجتمع متقدم يتبنى حضارة تواكب التقدم فمازلنا نراوح ،ولم تظهر الى وقتنا هذا المدن المتطورة والمشاريع العملاقة التي تنقلنا الى مصاف الدول المتقدمة او تضعنا في اقل تقدير عند اعتابها ،وهو دليل ان مخرجات جامعاتنا مازالت محدودة وليست فعالة، فلم تنتج حرِاكاً علمياً تكنلوجياً متطوراً ينتشل المجتمع من الجهل ويدفعه باتجاه المدنية، لذلك نخرج من التصنيف العالمي لأننا لم نستطع تحديد موقعنا من التطور وما زلنا نخوض بفوضى عارمة ، حينما ينظر لنا المصنف العالمي يجدنا وجودتنا التي لهثنا وراءها لا شيء يُذكر على ارض الواقع، وأن ما يناسبنا هو درجة الصفر لأننا صنعنا مع الاسف مجتمعاً جاهلاً وربما مصمم على الجهل، ومثل هكذا حاضنة تقدم صورة بائسة لواقع تعليمي متحجر متخلف فجامعاتنا تُريد تنفيذ الجودة وتتبنى طروحاتها الحديثة المتسارعة لكن مرتكزاتها ضعيفة فمازال التعليم الحكومي والاهلي يعاني من عدم توافر المرافق اللازمة لإتمام عملية الجودة مثل المساحات والابنية المتطورة الضرورية لإنجاز الطفرات النوعية التي تمنحنا تصنيفاً عالمياً وكل ذلك بسبب استشراء الفساد .