بعد سنوات من الاعتماد على النفط كافضل واكثر صادرات العراق التي تعتمد عليها الميزانية بنسبة عالية جدا لدرجة لا يمكن تصور ميزانية عراقية دون واردات النفط .. بما شكل استبطان لمشهد مروع في ظل عدم استقرار اسوق النفط وانخفاض أسعاره وما يعنيه ذلك من خطر داهم سيما يتعلق بالمصروفات التشغيلية كرواتب الموظفين والمتقاعدين واغلب خطط التنمية التي تعتمد كليا على النفط كاقتصاد احادي الجانب أخفقت الحكومات العراقية المتعاقبة اعتماد سياسة استراتيجية لتحسين مصادر التوريد برغم أمتلاكها الكثير من الموارد المتعددة والمتنوعة التي لم تستثمر بشكل امثل حتى الان .. تزامنا مع ظروف موضوعية فرضها الواقع والتدخل الإقليمي والاجندات الدولية مع الطبيعية المكوناتية للحكم وان كانت تحت عنوان ديمقراطي كلها شكلت ضغوطات خطيرة للمستقبل في ظل استمرار ارتفاع معدل النمو السكاني إلى نحو 2.7%، وبلوغ نسبة الفقر نحو 25% مع زيادة اعداد العاطلين حسب تقارير وزارة التخطيط .
من هنا فان موافقة مجلس الوزراء العراقي برئاسة محمد شياع السوداني – كخطوة تاريخية رائدة – على توقيع شركة غاز الجنوب (وزارة النفط العراقية) مع شركة غاز الحلفاية (جزء من مجموعة ربان السفينة ومطور عراقي رائد في قطاع الطاقة و النفط و الغاز) لعقد تنفيذ مشروع تطوير غاز حقل بن عمر وفق مبدأ (بناء، وتملك، وتشغيل، ونقل ملكية أو ما يعرف ب BOOT) ولمدة 15 عاما بعد تاريخ التشغيل التجاري. تعد هي الخطوة الاجرا وتمثل قفزة نوعية في برنامج الحكومة لجذب الاستثمارات لتطوير قطاع الغاز وتعزيز أمن الطاقة والنمو الاقتصادي، والحد من حرق الغاز المصاحب وتقليل الانبعاثات الكربونية.
من جانبه عبر الرئيس التنفيذي لشركة غاز الحلفاية عن سعادته بتوقيع العقد وانطلاق العراق نحو رؤية استراتيجية جديدة للمساهمة الفاعلة في تطوير قطاع النفط والغاز. مؤكدا التزام الشركة الكامل بتقديم أعلى معايير الجودة والكفاءة، ويشمل هذا الالتزام خلق شراكات استراتيجية مع الشركات الامريكية والاوروبية الرائدة في قطاعات الهندسة والتكنولوجيا . مع التزام تام بالمساهمة في التنمية النوعية المجتمعية من خلال خلق فرص عمل لآلاف الوظائف الجديدة للعراقيين معززة بنقل المهارات والخبرات التخصصية من الشركات العالمية إلى الكوادر المحلية وغير ذلك الكثير من تحسين البيئة والمساهمة الخلاقة في توطيد الاستقرار عبر برامج إعلامية واسعة مكثفة تشكل جوهر الاواصر وتمتين العلاقات الاجتماعية وتقديم خدمات شبابية ورياضية حتما ستكون جزء من الاستقرار المجتمعي العام وهنا تكمن أهمية العقود الاستثمارية المتسقة مع خطط التنمية التي لا يكون المال والأرقام وحدها معيارا أساسيا لها في التعاقدات .
هذا ويعد حقل نهر بن عمر من الحقول الاستراتيجية في محافظة البصرة ومن المتوقع ان يسهم المشروع في تعزيز وسد احتياجات الطاقة واستدامة البيئة وذلك بمعالجة ما يزيد عن 300 مليون قدم مكعب قياسي من الغاز الجاف يوميا، و أيضا سيسهم المشروع في تخفيض الانبعاثات الكربونية بما يزيد عن 8 ملايين طن سنويا.