حقق العراقيون تقدماً ملحوظاً في ملف الديمقراطية، منذ عملية إسقاط النظام البائد عام 2003 مع ملاحظة أن العراق من الدول القلائل، التي حصلت على دعم دولي واعتراف بانتخاباته البرلمانية الفصلية..
على الرغم من هذا التقدم إلا أن الجهود لازالت تتعثر أحيانا لترسيخ تجربته، بسبب المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، التي ضربت الدولة كلياُ، والتي وصلت في بعضها لمرحلة العجز أمامها، يضاف لها الفساد الذي ضرب جميع القطاعات.
الظروف عززت نفوذ بعض الأحزاب السياسية، وجعلتها تتمدد في الدولة بصورة أكثر عمقا، والتي تسعى لفرض نظام سياسي يتلاءم وتطلعاتها، في تجذير نفوذها وبناء”دولتها العميقة”لتتنافس مع مؤسسات الحكومة العراقية، وبالتأكيد هذه تعمل خارج الدستور العراقي.
ضعف الخدمات وتفشي الفساد، من أهم الظواهر التي تضرب أركان الدولة، ويعكس غياب الحكومة عن المشهد الخدماتي في البلاد، وتشجيع التظاهرات والاحتجاجات المناهضة للحكومة، كلها تسبب تراجعاً في فرص الوصول، إلى تسويات سياسية في تشكيل أي حكومة قادمة .
الشعب العراقي من جانبه وجه العقوبة للطبقة السياسية عموماً، عبر عدم المشاركة في الانتخابات، وإذا حدثت مشاركة فعلية فإنها لا ترقى لمستوى الديمقراطية المرجوة، والتي بالتأكيد ستكون مؤثرة على، عمليات انتقال السلطة بصورة سلمية ومنظمة، وتمثل عائقاً أمام حركة الاستثمارات الدولية في البلاد، بحجة عدم وجود الأمن والاستقرار فيه.
العمل يسير بصورة وخطوات بطيئة نحو ترسيخ الديمقراطية، وتسعى فيها القوى السياسية، إلى تعزيز الشرعية والتوزيع العادل لثروات البلاد، وإعادة الانتعاش المجتمعي وتعزيز الهوية الوطنية، وتقوية الدولة بما يعزز هيبتها، أمام سلطة الأحزاب المتنفذة ويمنع تغولها على الدولة ومؤسساتها كافة..
لذلك أمام هذا التباطؤ، ينبغي على القوى السياسية بالدرجة الأساس، تعزيز هيبة الدولة وتعزيز الديمقراطية، والسير قدماً نحو تشكيل حكومة قوية قادرة على تغيير الواقع، بما يحقق الأمن والأمان في البلاد.. وإلا فهم أول من سيتضرر من غرق سفينة الوطن بنا جميعا