يؤلمني أسفل ظهري و تُحيط بيّ صراعات العظام المطقطقة كلّما رفعت ذراعاً أو حاولت إشعال سيجارة، ترتجف يدي اليمنى كجهاز تدليكٍ على وضع المداعبة، عندما أسحب دخّان السيجارة يقشعّر بدني و يرقص شعر جسدي منتشيّاً كأنّه يفقد عذريّته مبكّراً، يختنق صدري كأضيّق ممرٍ للدخول إلى الجحيم، كلّ شيء يصل ذروة الفساد و العطب إلّا عينيّ، تراقبكِ و أنتِ تتبخترين بتموّجات شعركِ و تراقص أنفاسكِ على حافات الهواء الناعمة، كلّ شيء فيّ مُعرّض لإنتهاء الصلاحيّة إلّا عينيّ، فهي تُراقب إلهاً يبتسم جسده بغُنجٍ و أُلفة.
خطوط الفساد على جبيني عريقة حدّ الأصالة قد يظنّها الناظر أنّها خطوط أو تجاعيد حكمة قديمة ثملة، إختلطت فكرة هذا النص كثيراً بسبب المقاطعات وسط مكان العمل حتّى غنّى محمد عبدة “الأماكن” فتداعى كلّ البنيان و مواضع الصور و الأفكار، تعلو إبتسامة كئيبة و يزأر صوت السيجارة على هذه الشفّة المحتارة الغاضبة معلناً عن سقوطٍ آخرٍ مدوٍّ، لم تمرّ سوى لحظاتٍ حتّى عاود كوب الشاي السيطرة على مجريات الحديث المكبوت الصادح بالرغبة و إستقرّ كلّ شيء مصفقاً لعظمة تلك اللحظة المقدّسة إلّا كوب الشاي الّذي يأبى مشاركة اللحظة فيهرب من تلك الأصابع المرتجفة معلناً إنسحابه.
يسقط فيلحقه كاظم الساهر وهو يطالب بمحاكمته المنسيّة، تبدأ “المحكمة” الّتي ربّما كانت تعاتب كوب الشاي قبلها، ربّما كانت تصارع أيضاً السلطة القضائية العقلية في قرارها الحتمي لإعلان المسيطر.
بعيداً عن الهلوسة الواقعية الحاصلة في تلك الثواني القليلة، لا زال الصداع هو سيّد الوقت الأبدي، تلك الخربشات المستمر على عظم الجمجمة هي الّتي تثير إستيائي حقّاً لا الألم المصاحب لها، تلك الخربشات الّتي أشعر كأنّها شفرة ما لطلب الغوث لشخصٍ ما يسكن داخل هذا الدماغ المتحجّر، ربّما أنا أطلب الغوث من نفسي لنفسي.