قبل نصف قرن قرأت كتابا بعنوان الحرية والوجود للكاتب مطاع صفدي وهو كتاب فلسفي ..واليوم طافت بي ذاكرتي الى هذا العنوان فارتأيت أن أدلو بدلوي في هذا الموضوع الشائك والمثير .
الواقع أن حياتنا مرهونة بين هذا الترابط الوثيق بين الحرية والوجود ، فمنذ خلق الانسان وجد نفسه حرا على البسيطة يتمتع كما يريد ويتنقل كما يشاء ، فلما استقر على مدنية وتكونت حكومات تأخذ زمام الأمور بيدها بدأت صفحة الاستبداد تلوح في الأفق لتخنق انفاس الحرية التي كان يتمتع بها الانسان ، ومع صفحة الاستبداد تزايدت الأطماع ترافقها حروب ارست دعائم الرق ..الرق الذي انتزع من الانسان كرامته قبل حريته بل هو الضربة الموجعة لوجوده ووصمة عار في جبين البشرية. ومع أن الرق انتهت صفحته في العصر الحديث الا أن ثمة مجتمعات ما تزال شعوبها تشعر بالخيبة والمرارة من حكوماتها التي ما تزال تلعب لعبتها في هذا الصدد ..توغل في ظلمها وتبسط سلطتها بأغلال ثقيلة على أنفاس الرعية لتسلب منها حقوقها سيما حق الحرية .
ان وجودنا ليس لقمة عيش فحسب ، اذ ما جدوى لقمة العيش ونحن نفتقد طعم الحرية .!.بل ما جدوى الحياة ونحن نكاد نختنق من القيود التي تطوق أعناقنا !
ان الحياة التي يتوق اليها الانسان أن يستمتع بالحرية التي منحها الله له دون أن تمس الأخرين بضرر أوسوء ..أن تكون له كلمته الحرة الجريئة في قول الحق ..أن يكون له الرأي الذي فيه صلاح وخير ونفع للناس جميعا ونبني به وطنا مزدهرا ينعم تحت ظلاله الجميع بلا استثناء ، هكذا فحسب تستقيم الأمور ويكون للحرية وجودها وديمومتها وربيعها .