لم ينجح فريق سياسي من القوى الشيعية المعروفة في لجم الخلافات الداخلية وتحجيمها، حتى تحولت الى صراع مفتوح بدلا من تقريب وجهات النظر، والخروج بإتفاق جامع يضمن مصالح المكونات الأخرى، ولعل التفاؤل الذي يصل أقصى حدوده يتمثل في تشكيل حكومة ليس فيها التيار الذي إنسحب بقرار صعب من المنظومة السياسية في تشكيلها الحالي، على أن يحصل الإطار على موافقة الكرد والسنة الذين تحالفوا مع التيار الصدري في تحالف ثلاثي لم يستطع إختراق حصون الإطار، وإكتفى بتكرار المحاولة التي لم يوفق فيها، ولأن خروج التيار من لعبة التشكيل الحكومي لايعني أن حلفائه السنة والكرد سيذهبون ذات المذهب، فهم يمثلون مكونين قومي ومذهبي، وتحالفهما مع التيار مؤقت، وعليهما الدخول في مفاوضات مع الإطار، والفرق إنهم سيضعون شروطا قاسية، وفي حال تشكلت الحكومة وفشلت فهم مبرأون من الفشل، وسيتحمل الإطار التكلفة كاملة، وسيواجه شعبا غاضبا ومتحفزا ومهملا من الجميع، ويعاني مالاطاقة لأحد به.
قد يعتذر قادة الإطار إنهم توسلوا الصدر ليقبل بهم شركاء، وحين رفض، ثم أعلن إنسحابه من مجلس النواب فهم غير ملومين في ذلك ومايزالون مستعدين للتحالف معه. وتبدو إحتمالات تشكيل حكومة واردة بعد شغور مقاعد التيار الصدري، وإحلال نواب جدد بدلا عنهم سيكون لهم أن يدعموا موقف الإطار، لكن ليس من الواضح ماإذا كانت تلك الحكومة ستصمد، وماإذا كان الإطار قادرا على تقديم خدمات مقنعة لعامة الناس، ومحاربة الفساد الذي هو من سمات العملية السياسية، وماإذا كان قادرا على توظيف طالبي العمل، وتنمية الإقتصاد، والتفاهم مع أمريكا والغرب. فإيران لوحدها لاتكفي لدعم الحكومة مالم يكن هناك تفاهم مع عناوين أخرى مؤثرة في الإقليم والعالم.
تبدو واشنطن مرتبكة وهي تواجه الصعود الصيني والعناد الروسي وقدرة بوتين على تغيير المعادلة، ومواقف دول في قارات مختلفة من العالم، وقد تكون بحاجة الى حكومة عراقية تتفاهم معها، أو أنها تلقت تطمينات من قوى في الإطار بعدم التصعيد، ومن المؤكد إن أي إستهداف للقواعد الأمريكية سيحرج الإطار لأن أغلب القوى الشيعية ستكون ممثلة بمافيها القوى التي تعلن العداء الصريح للوجود الأمريكي، غير إن عدم وجود التيار الصدري في الحكومة والبرلمان يدعونا الى القول : الله يستر من حكومة يشكلها الإطار، وليس فيها التيار.