تُعد التجربة السياسية العراقية بعد سقوط النظام السابق عام 2003 تجربة قاسية جدا على أبناء الشعب العراقي ، الذي فُرض عليه التغيير خارجياً . أن الديمقراطية التي جاءت مع المحتل الامريكي ، عقب النظام البعثي القمعي ، أربكت البنى الأجتماعية التي تعود المواطن عليها في ظل نظام شمولي لا يعترف بالحدود الدنيا لحق المواطنة . لذا كانت الطبقة السياسية التي رافقت المحتل بأسقاط النظام ، ومن ثم التأسيس لدولة عراقية جديدة ، أصطدم مع كثير من العقبات وكان أولها التدخل الأقليمي العربي الذي لم يَرق لهُ نجاح التجربة العراقية في بناء دولة وفق أسس ديموقراطية سليمة .

لذلك دفع أبناء ألشعب العراقي انهاراً من الدماء من أجل تجربة سياسية فرضت عليهم بقوة السلاح . فقد هدم المحتل الامريكي الدولة بكل مرتكزاتها لأجل أجندة عمل عليها بدقة كبيرة .
أبتدأت العملية السياسية العراقية وفق أُطر نجاح واضح والدليل على ذلك ، كتابة الدستور ، والنهوض بالأقتصاد ، فضلاً عن التداول السلمي للسلطة حتى أنتهاء ولاية رئيس الوزراء حيدر العبادي .

لكن تم أفشال التجربة السياسية العراقية من خلال بعض الأطراف الداخلية المرتبطة بالخارج ، وخصوصا المحور الخليجي الذي لم يَرق له نجاح العراق من خلال المنظومة الديمقراطية الفتية ، التي كشفت عوراتهم بالهيمنة على السلطة وجعلها ممالك عائلية بحماية أجنبية .

غياب القائد المحنك ، وضياع البوصلة السياسية ، فضلاً عن المحاصصة المقيتة ، وتدخل المحتل الامريكي في كل شاردة وواردة ، كلها أدوات ساهمت بأفشال العملية السياسية في العراق . المغانم الكبيرة والأستحواذ على المال العام في ظل غياب للأجهزة الرقابية هو الآخر ( جرأ ) بعض القوى السياسية بالتجاوز الكبير على الدستور الذي غابت مددهِ الدستورية تحت مسميات مختلفة .

كثير من القوى السياسية الشيعية لا زالت تستشعر خندق المعارضة الذي زال بزوال النظام البعثي ، ولم ترتقي الى مستوى رجال دولة وهذا أنعكس سلباً على أدائهم السياسي في أدارة الأزمات التي حاقت بالعملية السياسية بل أوصلتها الى الأختناق . الأخوة الكورد يعملون على بناء دولة قادمة بكثير من المشاكسات السياسية ، والأخوة السنة يحاولون أرجاع فردوسهم المفقود ، عبر تحالفات أقل ما فيها أنها شقت البيت الشيعي نصفين ، وأستضعفتهم .

اليوم لازال هناك فسحة زمن من الممكن أن تتخذ القوى السياسية من خلاله مجموعة قرارات ربما تعيد العملية السياسية الى جادة الطريق والنجاح ، برغم الثمن الباهض الذي ستقدمهُ في مسار التصحيح . أعادة الثقة بين الشعب العراقي وبين قادته يجب أن تكون بالمقام الاول ، عبر تقديم الخدمات والأمن ، والنهوض الشامل بالأقتصاد الذي يقف على حافة الأنهيار ، ورفع الحيف والغبن ، وأزالة الفوارق الطبقية التي جاءت من تهميش قطاعات كبيرة من الشعب بسبب القرارات الأقتصادية الغير مدروسة ، والتي اصبحت مشاكل أجتماعية كبيرة .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *