نحيي اليوم ذكرى عاشوراء يوم انتصار الحق على الباطل ، فعظم الله لكم الاجر جميعاً وجعلنا من انصار دين الله دين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، كل المسلمين على وجه الأرض شيعة وسنة وغيرهم مدينون بأسلامهم وبكثير من معتقداتهم الإسلامية الصحيحة إلى الحسين عليه السلام، فجميع الأديان السماوية انحرفت عن الحق بعد وفاة مؤسسها من نبي أو رسول وذهاب الرعيل الأول من المؤمنين من اصحابه واتباعه، وكان هذا يمكن أن يكون بشكل طبيعي مآل الإسلام والمسلمين.
فحين آلت الخلافة إلى يزيد ابن معاوية نجد إن هذا الإنسان الذي كان قد ترعرع في أجواء الشرك والضلال والحقد على الإسلام والمسلمين، فآبائه وأجداده وقفوا بوجه المسلمين وعذبوهم واستباحوا دماءهم واموالهم ورفعوا السيف بوجهم لأكثر من عشرين عاماً؛ ولم يدخلوا الإسلام إلا مرغمين بعد الفتح وسماهم الرسول(ص) بالطلقاء، فترعرعوا على النفاق وبغض الرسول (ص) ومعاداة هذا الدين العظيم.
لقد غير بني امية الكثير من المفاهيم الإسلامية فتبنوا عقيدة الجبر، فعلى سبيل المثال حينما اعترضت ام المؤمنين عائشة على معاوية ابن ابي سفيان في ولاية عهد الخلافة لابنه يزيد اجابها معاوية (ان امر يزيد قضاء من القضاء ، وليس للعباد الخيرة من امرهم) كما ذكره ابن قتيبة الدينوري في الامامة والسياسة، لقد وضعوا المئات بل الآلاف من الاحاديث الباطلة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهدف تغيير الكثير من الثوابت والمفاهيم الإسلامية حتى وصلت الجرأة بالحجاج ابن يوسف الثقفي ان ارسل كتاباً الى عبد الملك بن مروان قائلاً: (ان خليفة الرجل في اهله اكرم عليه من رسوله اليهم ، وكذلك الخلفاء يا امير المؤمنين اعلى منزلةً من المرسلين) كما ذكره ابن كثير في البداية والنهاية وابن عبد ربه الاندلسي في العقد الفريد، واكبر خطورة كان يمكن ان يواجهها الإسلام والمسلمين وأكبر دليل على عقيدة يزيد الباطلة والخارجة عن الإسلام هو تمثله بأبيات ابن الزبعري، وهذا ما أجمع عليه كافة المؤرخين المسلمين مع إضافة بعض الكلمات والأبيات من قبله كالطبري في تأريخه وابن كثير وغيرهم والتي تدل على كفره حين يقول:
ليت أشياخي ببدر شـهدوا**********جزع الخزرج من وقع الأسل
لأهـلـوا واستهلوا فرحـاً***********ثـم قـالـوا يا يـزيـد لا تشــل
قد قتلنا القرم من ساداتهم**********وعدلـنـاه بـبــدر فـأعـتـدل
لست من خندف إن لم أنتقم********* مــن بـني أحــمد ما دام فعل
لـعــبـت هـاشـــم بالملك*********** فلا خبر جاء ولا وحي نزل
ولو بقي يزيد من دون ثورة الحسين (ع) الجبارة لكان من الطبيعي أن يغير يزيد ومن جاء بعده الكثير من مسلمات الإسلام كما غيروها، لقد كان من الطبيعي أن يحرفوا القرآن كما حرفت الكتب السماوية السابقة، ولغيروا السنة كما غيروها ولوضعوا الأحاديث الباطلة عن رسول الله(ص) كما وضعوها، الخطورة في ذلك أن ألأمه الإسلامية ستتقبل هذه السنة المنحرفة وستتقبل هذه الأحاديث الموضوعة وستتقبل هذا القرآن المحرف، ولكان الإسلام في يومنا الحالي إسلاماً آخر، إسلاماً محرفاً بالكامل عن إسلام رسول ألله (ص) كما غدت الكثير من الديانات السماوية السابقة محرفة عن الديانات الحقة ، ولكن ثورة الحسين (ع) جردت يزيد وجردت بني أمية من كل شرعية، بل جردت جميع من جاء بعدهم من الخلفاء من بني العباس وبني عثمان وغيرهم من حق التشريع، لقد غدوا مجرد حكام لا غير، نعم لقد بقيت بعض سنن بني امية كجزء من الإسلام لدى خوارج العصر، كقطع الرؤوس وسبي النساء والتمثيل بالجثث، ولكن عامة المسلمين من شيعة وسنة تستنكر كل هذه الأفعال الخارجة عن الإسلام، وكل ذلك بفضل ثورة الحسين (ع) ودماءه ودماء أهله وأصحابه التي سفكت على مذبح الحرية في سبيل الله وقرباناً لهذا الدين الذي وفقنا الله به وميزنا على غيرنا من الأمم.
ولهذا قال رسول الله (ص) ( حسين مني وانا من حسين) حيث من المعلوم ان الحسين (ع) من الرسول، اما الرسول (ص) من الحسين فهو غير واضح كنسب ولكن دلالته ان الدين الذي جاء به رسول الله (ص) لا يستقيم إلا بالحسين (ع) وبنهضته العظيمة وثورته الجبارة واستشهاده ومسيرة العقيلة زينب (ع) التي دكت عروش الظالمين خلال اربعة عشر قرناً ولازال الملايين من البشر يسيرون على خطاها وخطى الحسين (ع) ومنهجه للإصلاح في امة جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛
محمد توفيق علاوي