مرة أخرى يثبت التحليل الموضوعي ان الهدف الاستراتيجي الامريكي من غزو العراق ٢٠٠٣ يتجسد في ربط منطقة الفراغ ما بين القواعد الأمريكية في تركيا الخط الجغرافي الاخير لحلف الناتو وقواعد القيادة المركزية في الخليج العربي..وما سبق وان عبرت عنه بسياسة الاحتواء المزدوج وصولا الى احتلال العراق ثم الحرب الاهلية السورية وظهور داعش الارهابي من جهة وقسد الكردية من جهة أخرى .
اليوم تتحشد القوات المسلحة الأمريكية من جديد في الخليج العربي وايضا في مناطق متعددة من العراق وصولا الى تواجد ربما يكون أكبر في الأيام القليلة المقبلة في شرق سورية .
يحصل ذلك وسط انباء عن تغيير ممثلة الأمم المتحدة في العراق ..بعد وصول السفير البريطاني المتخصص بمكافحة الإرهاب وايضا السفيرة الأمريكية متخصصة بمكافحة الإرهاب…والمقصود في الفهم المتحالف بين واشنطن ولندن ان هذا الإرهاب المؤثر على تطبيق سياسات رادعة لتصدير ولاية الفقيه الإيرانية الجزء المتبقي من محور الشر في سياسة الاحتواء المزدوج .
كل طبول الحرب تقرع هذه الأيام لصالح نقلة نوعية رادعة على رقعة شطرنج الاحتواء ..ما دام القرار الامريكي وشركاه الإقليميين لم يمضي الى قرار الحرب المباشرة على إيران كلها وتخصيص هذه الروافع الفاعلة فقط ضد تصدير نموذج ولاية الفقيه الإيراني في مجال السباق النووي والحروب الصغيرة باستخدام جماعات مسلحة ولائية تستهدف المصالح الأمريكية ما بعد غزو العراق بالشكل الذي يحقق الربط الاستراتيجي بين حلف الناتو والقيادة المركزية.. لاسيما وان ثمة تقارير تتحدث عن مشروع كبير بين واشنطن والسعودية لتكوين حلف الناتو العربي الذي يجعل القوات الأمريكية في قواعدها لمختلف دول الخليج العربي امام استحقاق الالتزام بالدفاع عن هذه الدول ضد اي هجوم خارجي وهناك تاكيدات على ان نموذج تصدير ولاية الفقيه الإيراني التهديد الأخطر على هذا التحالف.
في هذا السياق يظهر التباين في فهم تحريك الاساطيل العسكرية والمناورات المشتركة كتطبيق رادع ..وبين استخدام هذا النوع من الردع للحصول على نتائج ميدانية ..فواشنطن تربط مشروع الناتو العربي بالتطبيع مع الكيان الصهيوني.. فيما ما زالت المناقشات تجري عن اليات تطبيق نموذج الدولتين كحل نهائي للقضية الفلسطينية.
ما ببن هذا وذاك تمتلك إيران اوراق مناورة بتحريك الجماعات المسلحة ومنها جماعات عراقية ربما اقول ربما هناك افراد او جماعات تحت عنوان القوات المسلحة العراقية ولكنها ربما تتحرك وتتحشد للقتال في نقلات رقعة الشطرنج المقبلة ..فينتهي واقع الردع المتبادل بين واشنطن وطهران الى وقائع وقحة عراقيا ..لاسيما وان واشنطن سبق وان استخدمت الردع الاقتصادي وما أحدثه من تداعيات على معيشة المواطن العراقي اليومية.. فما ستكون نتائج مثل هذه المشاركة في وقائع مستجدة..يمكن ان تؤدي إلى نتائج ليست في مصلحة عموم العراق وان كانت تعبر عن اجندات حزبية قائمة على استقبال نتائج تصدير ولاية الفقيه الإيرانية!!
علما ان هذا التسارع في الاحداث انما يحصل على أبواب انتخابات مجالس المحافظات المقبلة.. وما فيها من تحرك انتخابي يتجدد لنظام المحاصصة وثقافة المكونات… الذي اوجدته واشنطن ولكنها اليوم تمضي نحو تصحيح الإخفاقات التي وقعت فيه .
هكذا ينتقل الكثير من زخم الردع المتبادل بين واشنطن وطهران شرق سورية نحو الساحة السياسية العراقية بمختلف الاتجاهات.. والسؤال هل ثمة حسابات جديدة عراقيا ؟؟
الاجابة الواقعية الواضحة.. ان تصدير ولاية الفقيه لها قواعد عسكرية واقتصادية وسياسية كنفوذ صريح ومعترف به عراقيا.. مقابل الكثير والكثير جدا من أساليب الردع الأمريكية استخباريا ومخابراتيا ناهيك عن تصعيد الردع الاقتصادي ضد من تجد واشنطن صخبهم على نقلات الردع الجديدة… من يدري اي تداعيات يمكن ان تكون واي ردود افعال من بقية الفرقاء أخوة يوسف في العملية السياسية برمتها… عندها يتكرر السؤال عن المنفعة العراقية من الوقوع بين دفتي ردع متبادل والا لماذا تحرر العراق من سياسات النظام السياسي السابق التي ما زال المواطن العراقي يدفع اثمانها ..ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!!