يوم‭ ‬حدثت‭ ‬المجزرة‭ ‬ضد‭ ‬مسجد‭ ‬في‭ ‬نيوزيلندا‭ ‬قبل‭ ‬سنوات،‭ ‬حين‭ ‬دخل‭ ‬متطرف‭ ‬بسلاحه‭ ‬الناري‭ ‬وحصد‭ ‬المصلين‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لهم‭ ‬منفذ‭ ‬للهروب‭ ‬من‭ ‬الرصاص،‭ ‬تحدثت‭ ‬هنا،‭ ‬عن‭ ‬ضرورة‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬المساجد‭ ‬الكبيرة‭ ‬او‭ ‬الصغيرة‭ ‬مخارج‭ ‬طوارئ،‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬القاعات‭ ‬الاحتفالية،‭ ‬وان‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬اساسيات‭ ‬البناء‭ ‬ومنح‭ ‬التراخيص‭.‬

‭ ‬وفي‭ ‬قاعة‭ ‬الاعراس‭ ‬في‭ ‬قرقوش‭ ‬المنكوبة‭ ‬بالموصل،‭ ‬رأينا‭ ‬ان‭ ‬لا‭ ‬مدخل‭ ‬أو‭ ‬مخرج‭ ‬لمكان‭ ‬يتسع‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬سوى‭ ‬باب‭ ‬واحد‭ ‬للدخول‭ ‬والخروج،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬نوافذ‭ ‬بمساحات‭ ‬واسعة‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تتحول‭ ‬الى‭ ‬مخارج‭ ‬للإنقاذ‭ ‬عند‭ ‬اللزوم‭. ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬أجهزة‭ ‬إطفاء‭ ‬بما‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الحجم‭ ‬الكبير‭ ‬للقاعة،‭ ‬وكانت‭ ‬البلدة‭ ‬بكاملها‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬سوى‭ ‬سيارة‭ ‬واحدة‭ ‬للإطفاء‭ ‬بربع‭ ‬حوض‭ ‬مملوء‭ ‬بالماء‭.‬

‭ ‬بدأت‭ ‬الأنظار‭ ‬تتجه‭ ‬نحو‭ ‬الجهة‭ ‬المحتملة‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬عليها‭ ‬المسؤولية،‭ ‬مع‭ ‬صاحب‭ ‬القاعة‭ ‬طبعا‭. ‬وظهر‭ ‬انه‭ ‬هناك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬او‭ ‬جهة‭ ‬حكومية‭ ‬مسؤولة‭ ‬عن‭ ‬منح‭ ‬التراخيص‭ ‬الواجب‭ ‬توافرها‭. ‬وتعددت‭ ‬الآراء‭ ‬في‭ ‬الجهة‭ ‬التي‭ ‬تتحمل‭ ‬وزر‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬النكراء‭ ‬قبل‭ ‬سواها‭. ‬ويبدو‭ ‬انّ‭ ‬أي‭ ‬تحقيق‭ ‬سيظل‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬حلقة‭ ‬مفرغة‭ ‬مادام‭ ‬إقرار‭ ‬قانونية‭ ‬أي‭ ‬مشروع‭ ‬في‭ ‬البلد‭ ‬بات‭ ‬مجرد‭ ‬تجميع‭ ‬اوراق‭ ‬بأي‭ ‬وسيلة‭ ‬من‭ ‬فوتق‭ ‬الطاولة‭ ‬او‭ ‬تحتها،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬جهة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬تقييماً‭ ‬لسلامة‭ ‬التراخيص‭ ‬الجزئية‭ ‬وتتحقق‭ ‬من‭ ‬تنفيذ‭ ‬الشروط‭ ‬كاملة‭ ‬بعد‭ ‬الانجاز‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬انّ‭ ‬المواصفات‭ ‬المثالية‭ ‬في‭ ‬الشروط‭ ‬لا‭ ‬تبدو‭ ‬موجودة‭ ‬أصلا‭ ‬،‭ ‬لذلك‭ ‬يجري‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالشكليات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تقدير‭ ‬موقف‭ ‬مستقبلي‭ ‬للطاقة‭ ‬الاستيعابية‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬الذين‭ ‬سيتجمعون‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬واحد،‭ ‬وتحت‭ ‬سقف‭ ‬واحد،‭ ‬لا‭ ‬يعلمون،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬تعلم‭ ‬أي‭ ‬جهة‭ ‬منحت‭ ‬التراخيص‭ ‬مدى‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬الصمود‭ ‬عند‭ ‬وقوع‭ ‬حادث‭ ‬صغير‭ ‬أو‭ ‬كبير‭ . ‬

إنّه‭ ‬من‭ ‬المضحك‭ ‬المبكي،‭ ‬أن‭ ‬نبحث‭ ‬عن‭ ‬حسن‭ ‬تقدير‭ ‬موقف‭ ‬غائب‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬الف‭ ‬شخص‭ ‬عند‭ ‬الاجتماع‭ ‬تحت‭ ‬سقف‭ ‬واحد‭ ‬مدة‭ ‬ساعتين‭ ‬أو‭ ‬ثلاث‭ ‬ساعات،‭ ‬ولا‭ ‬نقف‭ ‬عند‭ ‬اجتماع‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أربعين‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬سقف‭ ‬أصلاً‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬تتجاذبه‭ ‬متناقضات‭ ‬وتيارات‭ ‬وتوجهات‭ ‬لم‭ ‬توفر‭ ‬من‭ ‬شروط‭ ‬السيادة‭ ‬والمنعة‭ ‬والعيش‭ ‬الكريم‭ ‬لأبنائه‭ ‬سوى‭ ‬ما‭ ‬تأخذه‭ ‬الكاميرات‭ ‬الرسمية‭ ‬في‭ ‬الاعلام‭ ‬التابع‭ .‬

أربعون‭ ‬مليون‭ ‬بحاجة‭ ‬شديدة‭ ‬للوثوق‭ ‬بأنّ‭ ‬هناك‭ ‬سقفاً‭ ‬عالياً‭ ‬ومنيعاً‭ ‬للبلد،‭ ‬لكي‭ ‬يناموا‭ ‬مطمئنين‭ ‬على‭ ‬مستقبل‭ ‬أطفالهم،‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬اصابهم‭ ‬اليأس‭ ‬في‭ ‬ان‭ ‬يشهدوا‭ ‬لأنفسهم‭ ‬انتقالة‭ ‬تناسب‭ ‬إمكانات‭ ‬الثروات‭ ‬التي‭ ‬يتمتع‭ ‬بها‭ ‬العراق‭.‬

وسقف‭ ‬البلد‭ ‬الذي‭ ‬يراد‭ ‬له‭ ‬عدم‭ ‬الاهتزاز‭ ‬والانهيار،‭ ‬لا‭ ‬يرتفع‭ ‬عاليا‭ ‬وقويا‭ ‬وحصينا‭ ‬ضد‭ ‬الهزات‭ ‬والرجّات‭ ‬والرياح‭ ‬الا‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬اختفاء‭ ‬مفردة‭ ‬الفساد‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬العامة،‭ ‬وتنقية‭ ‬الوضع‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تكلف‭ ‬ذلك‭ ‬جراحات‭ ‬مستعصية‭.‬

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *