فقد الشّعر العربي المعاصر أحد أبرز أصواته.. العراقي حسب الشّيخ جعفر، الذي سيشكّل مع مواطنه فاضل العزّاوي، و الفلسطيني محمود درويش، و السّوري فايز خضّور، و المصري محمد عفيفي مطر، و السّوداني محمّد عبد الحيّ..؛ الموجة الحداثيّة الثانيّة التي ستخلف موجة الرّيادة و ترخي بآثارها و مفاعيلها الضّاربة على الأجيال الشعريّة العربيّة اللاّحقة.. قضى فترة من حياته في موسكو طالبا في معهد غوركي للآداب، و حيث سيحصل على ماجستير في الأدب الرّوسي، قبل أن يعود إلى بلده و يشتغل في الإعلام الثقافي.. و بقدر ما كان متضلّعا في التّراث الأدبي العربي سيتشبّع، و إلى أقصى الحدود، بمقروءاته الواسعة و النّابهة في الآداب العالميّة.. و أيضا بقدر ما سيبصم على اجتراحات جماليّة فريدة و جسارات رؤياويّة عميقة سيغني بها الشعريّة العربيّة المعاصرة سيفتح لها، بالموازاة من هذا، قنوات مع المتن الشّعري الرّوسي من خلال ترجماته الباذخة التي لا تضاهى.
لكم كان اغتنائي و أنا أخوض، لسنوات، في مقاربة عالمه الشّعري، مرتحلا، في مزيج من مشقّة و استمتاع، بين تاريخ العراق السّومري و الأكّدي و البابلي و الآشوري و بين تاريخه الحديث.. بين أرصدته من الشّعر العربي القديم و الشّعر العربي المعاصر و بين تلك التي اكتنزها من الشعريّات العالميّة، و في صدارتها الروسيّة..بين قطوفه من حقول الرّواية و القصّة القصيرة و المسرح و بين ما اجتنته عينه من مشاهدات سينمائيّة و كوريغرافيّة فذّة و أدمنته أذنه من مسموعات موسيقيّة راقية..
كنت التقيتك، لمرّتين، في بغداد العامرة، و أنت ترفل في حزنك السّومري، يدثّرك يتم السّلالة التي تحدّرت منها أنت و أندادك النّادرون، عساني أغنم منك، من صمتك الهائل، سبلا ما إلى لبّ عالمك، إلى تخومه.. فشكرا لروحك البهيّة على كرم مرورك الشّعري في أخاديد اليباس و الشدّة.. أنت السّومري القحّ، الموعود ب “زيارة السيّدة السومريّة” هناك “عبر الحائط.. في المرآة