تحدثت بعض الروايات القديمة جداً عن تنبؤات نقلت عن الأجداد وهي ليست “حكايات العجائز” وقيل ان ذلك ذكر في كتب بعض الديانات ” الاسلامية وغيرها بل ان التوراة نطقت بها ايضا فقد جاء رؤيا 9 ـ 13(ثُمَّ سَكَبَ الْمَلاَكُ السَّادِسُ جَامَهُ عَلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ الْفُرَاتِ, فَنَشِفَ مَاؤُهُ لِكَيْ يُعَدَّ طَرِيقُ الْمُلُوكِ الَّذِينَ مِنْ مَشْرِقِ الشمس (بأن الرافدين العظيمين دجلة والفرات سيتعرضان للجفاف عاجلاً ام اجلا وقيل بان قلب النهر ستُحفر به الآبار لمواجهة الجفاف ولسنا بصدد صدق هذه الروايات من عدمها لكن ربما قبل سنوات خلت لأحد كان يصدق بأن هاذين العظيمينِ يتعرضان إلى ما نراه اليوم وربما يكون يومنا وامسنا بطبيعة الحال افضل من الغد لأننا إزاء حكومة ضعيفة أخذ منها الوهن مآخذه ولأننا أيضا مع دول جوار ليست ضعيفة ولا تتعامل معنا بسجيتها وفق مبادئ حسن الجوار وهي تتحكم بمصادر المياه لا بل يسيل لعابها على كل ما تدره ارض العراق هذا الوهن جعل دول المنبع والمصب تشترط علينا عدة شروط وما علينا الا أن نوافق صاغرين ويال التعاسة كلما اردنا ان نبتعد عن الحديث السياسي ” فالسياسة تأخذنا من حيث نشعر او لا نشعر لارتباطها بكل شيء فالسياسة هي التي تسببت بما نمر به اليوم من جفاف وتصحر ناهيك عن مشاكل لا تقل اهمية من الجفافلأنه لا توجد حتى اليوم أي اتفاقية ملزمة مع الجارتين حول المياه وكل ما نسمعه مجرد تفاهمات ومجاملات ليس الا وان كانت فعلا هنالك قوانين فهي حبراً على ورق” لقد أصبحت العواصف الترابية هي سمة المناخ وهذا تحدي جديد و أمر طبيعي جدا ف”انحباس المطر وشحته وقطع روافد و منابع النهرين ادى الى ان يكون التصحر هو السائد على مناخ العراق فلا يكاد يمر أسبوع مالم تشاهد عاصفة كبيرة تضرب العراق وتشل الحياة حتى ان الحكومة اعلنت تعطيلها الدوام لخطورة الأمر, لقد كنا نتغنى ببلدنا ونهرية العظيمين وكنا نحدث ابنائنا بان بلدهم هذا كان يسمى منذ صيرورته بأرض السواد أرض الحضارات والتطور والفكر البلد الذي علم الناس القراءة والكتابة والزراعة ارض النخيل والقمح والشعير وكنا تعلمنا في المدرسة كيف ان الامام علي “ع” نقل مركز الخلافة من الصحراء القاحلة من البداوة والخشونة والعصبية القبلية الى الحضارة حيث النهرين العظيمين وكذلك فان الدولة العباسية نقلت الخلافة الى بلاد الرافدين ولذات السبب ايضا .
سر الحياة
وكل ذلك كان بسبب وجود النهرين العظيمين ومناخها الجميل بعيدا عن الصحراء وخشونتها وتأثيرها النفسي فـ”الحضارة لا تنمو وتزدهر مالم يكون هنالك وجود لسر الحياة وهو الماء؟ان التغيرات المناخية التي يمر بها العراق امرا خطيرا يستدعي وضع خطط لمواجهة هذا الخطر واذا كان لدينا حكومة ضعيفة فهذا لايعني ان نموت ببطى دون أن نحرك ساكنا العالم ليس فوضويا بهذه الصورة بل هنالك عدة طرق يجب أن تسلكها الحكومة والدبلوماسية يجب أن تكون حاضرة أليوم وبقوة فهناك منظمات وقوانين تحكم في قضية النزاعات المائية كما سلكتها دول أفريقيا ودول المنبع لا يحق لها ان تمنع تدفق المياه إلى طبيعتها التي وهبها الله أن عدم وجود اتفاقية تضمن حصتنا المائية له انعكاسات كبيرة على الاقتصاد العراقي والأمن الغذائي، حيث سيؤثر سلبا على حجم المساحات المزروعة مما يزيد من عمليات التصحر وتغيير المناخ وتراجع السياحة خاصة في الأهوار التي بدأت تنشط ، بالإضافة إلى انحدار الثروة السمكية وقلة الإنتاج الزراعي وزيادة في حجم الواردات وارتفاع معدلات الهجرة من الريف إلى المدينة. وإن نقص واحد مليار متر مكعب من حصة العراق المائية يعني خروج 260 ألف دونم من الأراضي الزراعية من حيز الإنتاج.المراقبون يشيرون إلى أن العراق يمتلك أكثر من ورقة للتفاوض مع تركيا وإيران بغية الوصول إلى اتفاق إستراتيجي بشأن حجم إطلاقات المياه من خلال تفعيل سياسة عامة وشاملة ترتكز على تفعيل الجانب الاقتصادي والتعاون الأمني في ظل زيادة حجم التبادل الاقتصادي وتفعيل الاستثمار طويل الأمد، ولعب دور سياسي أكبر في العلاقات الدولية والإقليمية هذا في الجانب الخارجي ومن الداخل يجب ان تكون هنالك حلولا لمواجهة التصحر والاستثمار الصحيح للمياة واطلاق مشاريع زراعية باستخدام الوسائل الحديثة .ولا نريد دائما نتحدث عن السلبيات فقط كما ان للجفاف من سلبيات فهو جاء لنا بإيجابية هة المرة حيث كشفت حضارة كبيرة بعد جفاف نهر دجلة وفكت لنا جزء من طلاسم غموض إمبراطورية «ميتاني»حيث كشف النقاب مؤخرا عن قصر أثري عمره 3400 عام يتضمن لوحات جدارية تحكي قصة إحدى أشهر حضارات الشرق الأوسط.