العادات هي مجموعة أمور اعتدنا على القيام بها منذ الصغر، أما التقاليد فهي موروثات ثقافية ورثناها عن الآباء والأجداد تؤثر في نشأة الإنسان، كركائز أساسية في التكوين العقلي والنفسي لقاطني كثير من المجتمعات التي تحكمها هذه الظاهرة الاجتماعية بِقُوة، أمور تتبعها الأجيال من دون العلم بأصلها وفصلها، ولو رغب أحدهم في التخلي عن بعضها لأصبح كأنه أبدى سوء النية تجاه المجتمع وقام بفعلٍ شنيع لا يمكن تقبله من البعض. ومع أهمية دور العادات والتقاليد في الحياة، ولكن ليس من المنطق التقيد والالتزام الصارم بجميع الأفكار السائدة من دون تحرّي حقيقتها والتفكير في صحتها، ومدى صلاحيتها لهذا اليوم، فالعادات والتقاليد ترسم شخصية الفرد وتصنعه العادات والتقاليد المقصودة هي العادات التي تُعطي جماليةً وأصالةً وتحافظ على التراث، وليست تلك العادات الجاهلية المتزمتة والمتطرفة التي من شأنها أن تسبّب الضرر، أو الحرج للناس، أو الأذية والتخلف فالعادات والتقاليد هي عن أفكار ومعتقدات تكون في غالبها تثبيتًا لأخلاق وقِيم تهذب النفس وتجعلها أكثر قربًا إلى القيم المثلى: فلكل مجتمع ثقافته التي تميزه عن غيره من المجتمعات، وفي حال لم يكن لهذا المجتمع عادات وتقاليد خاصة هناك عادات إيجابية مستحبة يجب التمسك بها، مثل إفشاء السلام والبشاشة في المحيا ولطف الخلق والمحافظة على الآداب العامة والخاصة وصلة الرحم وإكرام الضيف بغير إسراف والتآلف الأسري وتلمس مساعدة الفقراء وقضاء حاجات الناس بأريحية وليست منة، واجتناب التعدي على الغير بالقذف والسب والتهم الباطلة وأكل حقوقهم. كل ذلك يدخل في نطاق العادات الإيجابية المفيدة للإنسان في دنياه وآخرته إعاقة التقدم المجتمعي: ففي كثير من الأحيان يمتنع أفراد المجتمع عن فعل أمر ما لأنّه في نظرهم يعارض العادات والتقاليد، مثل بعض المجتمعات التي تمنع عمل المرأة أو مشاركتها في الأعمال التطوعية وغيرها من الأمور. التعارض مع الدين: ففي بعض الأحيان تكون العادات والتقاليد منافيةً لكثير من الأمور والأصول التي نص عليها الدين، مثل عادة إقامة بيوت العزاء والصرف المبالغ فيه في الأفراح والثأر وإطلاق العيارات النارية وغيرها من الأمور. الفجوة بين المجتمع وما وصلت إليه الحضارة العالمية: فالإنسان في حال تمسك بعادات بالية بلا مبرر أو سبب منطقي لهذا، فإن هذا التمسك اللاعقلاني سيكون سببًا لرفضه كل التحديثات التي يجريها العلم أو التي تطرأ على الساحات الدينية والعلمية والنفسية والاجتماعية وغيرها؛ فيبقى دائمًا في آخر الركب حبيس الأفكار القديمة التي ورثها عن أجداده. أهمية العادات والتقاليد خلاصة القول: إن هذه الكلمات ليست بمثابة ملاكمة كلامية ولا محاكمة غيبية ولا كلمات سوء ظن وافتراء على الغير، والعياذ بالله. ولكن ما أتى ويأتي من تصرفات هوجاء من فئة ذات أفكار عوجاء، هو محاولة الزج بنا في متاهات الانغلاق والأنفاق المظلمة من الجهالة والضلالة. فيجب التصدي لكل ما هو معيق لنمونا الحضاري والعائد لنهضة الوطن ورفاهية المجتمع، فنحن في زمن الانفتاح وليس زمن الإذعان والانبطاح.